فـقـاعـة إشـاعــة .


فـقـاعـة إشـاعــة .



للكاتب علي بن سعد الفريدي .

يبقى بعض البشر عنصر شر، يثير الفزع و القلق والأرق والإحباط في المجتمعات ، مستغلا ضعف مهارات التفكير والتحليل والتقييم والمقايسة لدى كبار سن طاعنين في السنين ، فيجلس معهم في مجلسهم منصتا لبضع دقائق ، ثم يقلب سوالفهم التأريخية الماضوية الممتعة بحرفنة عجيبة ، عن مرض بدأ ينتشر سريعا ، ضحاياه كبار مسنين ، ثم يشيع معلومات مغلوطة عن هذا المرض مما يجعل مستمعيه يضربون بعصيهم الأرض قلقا وفزعا وكدرا ، فمتحدثهم حدثهم بحديث نتيجته هلاك ، فأنصتوا له منتظرين نهاية الحديث لكتابة الوصية ! . إن الإشاعة السلبية بحد ذاتها مرض منتشر في المجتمعات البدائية ذات الصبغة الأمية ، وغالبا مايشاع هي أخبار شر من نفوس شريرة بقصد أحيانا ، وبغير قصد أحيانا أخرى سوى وجود قلق في نفوس أصحابها أولا مما يجعل ألسنتهم تثرثر بما لا يقبله عقل ، ولا يستسيغه ذوق ، إن الشائعات تفتقد المصداقية غالبا ، لانعدام المصدر الموثوق الذي تعتمد عليه ، كما أن الإحصائيات المتأخرة توكد أن نسبة ٧٠٪ من الأخبار يفقد تفصيلاته بمجرد تنقلنا من شخص إلى شخص وصولا للخامس من متواتري المعلومة ، فكيف إذا كان الخبر من بدايته منعدم المصداقية بكل تفصيلاته ! ، من ذلك الحديث عن مرض كورونا هذه الأيام من غير المختصين بمعلومات غير دقيقة ، هو أمر لا يقبل شرعا ، ولا أدبا ، لاسيما ولنا قدوة في قول رسول الطمأنينة محمد بن عبد الله القائل : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ) ، فما بالك إن كانت المعلومة كذبا من بدايتها ، ومن تكلم بغير فنه أتى بالعجائب ، إن واجب الجميع تجاه الإشاعات السلبية عدم تصديقها ، وتفنيدها بالحجج والبراهين الموضوعية ذات المصداقية ، وتجفيف مستنقعات الإشاعات ، وتعطيرها بأخبار الحق والحقيقة، فالإشاعة جالبة للهموم والأحزان والأرق والقلق ، طاردة للسعادة ، قاطعة للأرزاق ، مضعفة للإيمان والتوكل على الله ، مروجة للأكاذيب ، محاربة للعلم والوعي ، زارعة للكآبة ، باذرة للشر ، إن الإشاعات السلبية وراءها أهداف غامضة ، وسلوكيات مظلمة ، وعقليات ذات تفكير دنيء ، فلنكن على حذر من كل قول وخبر كاذب ، نكون من غير قصد من رواته فتجني على نفسها براقش ، كما أن التأني في قبول الأخبار المشاعة منهج شرعي ، نتيجته سلامة وفلاح ونجاح في الدارين ، لاسيما إذا كانت الأخبار عن الأوبئة والأمراض المعدية ، وأخيرا أهمس قائلا : الإشاعة فقاعة ، سرعان ماتتلاشى مع الزمن ، إذ الزمن فضاح لكل سلوك خفي فمهلا ياذوي الإشاعات ، أشيعوا الخير والبشائر وأميتوا الشر بدفنه وعدم ذكره ، فوالله إننا محاسبون عن كل قول وفعل ، والحظيظ من أشاع الخير، وأمسك عن الشر ؛ رجاء ثواب الله ، ثم مراعاة مشاعر بشر .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *