صفوف مدرسة في صفوف صلاة .


صفوف مدرسة في صفوف صلاة .



للكاتب : علي بن سعد الفريدي

‏‫ منظر مهيب ازدانت بهم مساجدنا هذه الأيام ، تعبدا لله وتقربا إليه بماشرع ، حفاظا على فريضة السماء ومواظبة عليها ، إنهم صفوف مدرسة اصطفوا في صفوف صلاة ، عادوا لربهم وجلين ، وأنابوا إليه منكسرين ، ورفعوا أكفهم لربهم داعين ، وللتفوق والتوفيق سائلين ، شرعوا في مذاكرة دروسهم بتنظيم وقت ، ودقة عمل ، وحسن إنجاز ، ومراعاة صحة ، بعد كل أداء فريضة ، إذ لهم مع الصلاة قصة ، حيث عرفوا أنها أول حسابهم فيها يوم يلقون الله ، وأول امتحان في آخرتهم هي ، فإن صلحت صلح سائر العمل ، وإن فسدت فسد سائر العمل ، أدركوا أن في الصلاة أسرار وأخبار ، فهي كبيرة إلا على الخاشعين ، كما أن لها مع الصبر علاقة وثيقة فاستعانوا بالله بذلك ( استعينوا بالصبر والصلاة ) ، فكلاهما نور ، إلا أن الصبر كضوء الشمس ، والصلاة والخشوع فيها كنور القمر ، والقمر يستمد نوره من ضوء الشمس ، فعلى قدر ضوء الشمس يكون نور القمر هلالاً أو بدراً ، كما أن بينها وبين الراحة سر ، يتحسس ذلك من واظب عليها مواظبة كاملة بشروطها وأركانها ، ( أرحنا بالصلاة يابلال ) ، فيها الشفاء والأنس والسعادة في الدارين ، هي وصية رسول الله عندما احتضر ، ( الصلاة الصلاة وماملكت أيمانكم ) ، فكم تكون الوصايا عند الاحتضار مؤثرة ! ، لاينساها من حضرها ومن نقلت إليه ، إن الصلاة جماعة ، امتثال أمر ، وترابط مجتمع ، وتنافس خير ، وراحة ضمائر ، واستقرار نفوس ، وعلامة وعي ، ونهي عن فحشاء ، وبعد عن منكر ، هي فلاح عاقبة ، فها هو مؤذنها ينادي بصوت مهيب رهيب مسموع ، تقشعر منه الأبدان حي على الصلاة ، حي على الفلاح بتكرار جمل ؛ إذ التكرار تأكيد أمر ، واهتمام به وتنويه . إن رجلا تسوقك خطوتها لبيت الله لأدائها ، بها رفعة درجة وصدقة ، وتكفير ذنب وخطيئة ، والخطوة التي أرجعتك لبيتك مثلها . الصلاة نهر من الطهارة والنظافة والمغفرة ، أليس النبي عليه الصلاة والسلام يقول فيها ؟ : { أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا } [متفق عليه].، إن بين الصلاة والسلوك الإيجابي علاقة وثيقة عتيقة ، لذا ما أجمل صفوف مدارسنا عندما تصطف في مساجدها خلف إمامها تسمع كلام الله ، وتؤدي فريضته ، بكل خشوع واطمئنان ويقين ، هدفها الفوز بجنان الله يوم تلقاه ، خائفة وجلة من عدم قبول أعمالها الصالحة ، سائلة الله القبول عند كل دعاء . ما أجمل روحا حملت جسدها وتوجهت لكعبة الله استقبالا في بيت من بيوت الله مناجية ربها قانتة له بماشرع ، راكعة لله بكل تعظيم ، ساجدة له بكل خوف وخشوع وأزيز صدر يحشرج دمعا من خشية الله ، إن الصلاة عبادة ، والعبادة مستمرة حتى مفارقة الروح الجسد بالموت ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) فهيا هيا للصلاة المكتوبة ، وصية رسول الله في آخر نفس ، مواظبة عليها واستمرارا حتى انقطاع النفس ، وقتها تمدد أمام المسلمين للصلاة عليك بكيفية أخرى يعرفها المسلمون .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *