نومة في ليل صيف .


نومة في ليل صيف .



بقلم : علي بن سعد الفريدي

خلق الله الإنسان ؛ لإقامة توحيد الله في أرضه ؛ ولعمارة دنياه وأخراه بمافيه رضى ربه ، بل سخر الله للإنسان البر والبحر والجو لتقوم حياته بمافيه انتعاشه وأنسه ورزقه وسعادته ، وجعل له ولأهل للحياة أجمع آيتين من آياته ، فجمل النهار بشمسه المكورة المتوهجة ، وليله بقمره المرحلي الساطع المدور ، فكما الليل عظمة ، هاهو النهار عظمة أخرى ، فمحا الله آية الليل ليجد الإنسان أنسه براحته ونومه وسباته ، وشاهد المحو بعض سواد في وجه القمر يتضح أكثر في ليلة إبداره ، وجعل آية النهار مبصرة ليبتغ الإنسان فضل ربه وليعلم سني عمره وحسابها ، شاكرا ربه على كل نعمة تسخير في الحياة وتيسير ، إلا أن الزمن بظلمة ليله ، وبياض نهاره، يختلف صيفا وشتاء ، فليل الصيف قصير ، ونهاره طويل ، وهذا يتطلب أن ينتبه البشر لزمنهم ، وتأثير ذلك على أجسادهم وأرواحهم ، فالسهر له تأثير سلبي على نفس بشرية لم تأخذ قسطها الارتياحي من النوم ، لذا لابد لها فطرة ، أن تسكن ليلا ؛ لتبدأ يومها الجديد في بكور صباحها بكل انتعاش ، ولتؤد صلاة صبحها بكل طمأنينة ، وحسن أداء زمنا وقولا وفعلا ، إن اكتئاب الصباح المشاهد في بعض وجوه البشر ، يزداد في فصل الصيف من خلال تأملي ، نتيجة لعدم تنظيم وقت النوم اللازم للجسد والروح مما ينتج عنه فوات فريضة السماء ( الصلاة ) والتي في تشريعها وتوزيعها زمنيا ليلا ونهارا إعجازات تعبدية وصحية رهيبة لها أثر إيجابي على النفسية البشرية . إن نوم الليل لايعوض بنوم النهار أبدا أبدا ، كما أثبت العلم الحديث ودراساته الصحية أن نوم أول الليل أفضل ، وأفضل الهدي في ذلك هو نهج النبي محمد عليه الصلاة والسلام إذ كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها إلا إذ حضرت مصلحة راجحة ، وبما أن ساعات نهار الصيف طويلة فهذا يعني أننا تعرضنا لكميات إشعاعية من ضوء النهار ممايجعل نوم الليل فيه صعوبة وتململ وكوابيس مزعجة ، لخلل في الساعة البيولوجية للإنسان والتي تتحكم في النوم واليقظة ، مما يتطلب النوم في مكان معتم ظلمة ، إلى جانب عدم التعرض لأشعة الشمس في آخر النهار قبل انكسارها كثيرا ، كما أن التعرض للضوء الصناعي يؤثر على بعض الهرمونات الجسدية مما يتسبب في قلة التركيز واستدعاء الخرف مبكرا ( الزهايمر ) ، والتثاقل ، والتململ وهذا مجرب كثيرا ، إن لكل نفس ظروفها ، لكن حقها علينا كبير في أن نختار لنومنا أفضل الزمن كما وكيفا ،إضافة إلى المحافظة على الأذكار الواردة ، والنوم على الجانب الأيمن تعبدا لله ، لا هروبا من حقوق بشر ! ، ( … إن لربك عليك حقا ، وإن لنفسك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه ) ، وأخيرا أهمس قائلا : إن احمرار حدقة العين هو شفق يريد أن يغرب ليشرق من جديد ! ، كما أن عينين حمراوين ساهرتين هي إشارة لصاحبها بأن الدمع قد حذفت عينه فانقلب دما ، مما يخشى على مضخة الدم ( القلب ) بأن تتوقف نتيجة سهر سلبي ظالم ، كما يشير احمرار العين إلى لهب مشاعري جسدي روحي نتيجته رماد عافية ، وظلمة سواد في محيا ، ووجه مما يخوف الله به عباده ! ، وتبا لنفس لاتعرف مصلوح حياتها ، ولامتطلبات ذاتها نوما وراحة ، فارحموا أنفسكم أيها الرحماء ، بنوم ليلي هانئ في زمن صيفي قصير منظم ، وتذكروا أن النوم أخو الموت ، فناموا طاهرين جسدا وروحا ، واكتبوا وصاياكم فقد أمرنا رسولنا بذلك ، فربما بقية عمرنا ليلة صيف صبيحتها قيامة .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *