هلال رمضان يكتمل بدراً .


هلال رمضان يكتمل بدراً .



بقلم : علي بن سعد الفريدي

يتصرم الزمن ، فهذا صبح جديد يتنفس بشمس مشرقة ، ثم يحمر الأفق بوداعية خجولة ، بعد غروب شمس مؤذنة نهاية يوم راح من عمر قصير ، أيام تتعاقب فإذ بالشهور تقترب من إكمال عدتها كما قدرها ربها ،( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ) ، ويسير الزمن بقدرة الله وتدبيره على مايريده علما وحكمة ، فهو خالقه ومدبره سبحانه . بالأمس كان هلال رمضان تتراءه العيون الباصرة ، وترصد له الأجهزة بتلسكوباتها الدقيقة الحديثة المعاصرة ، ويتباشر الناس به تهنئة وتبريكا ، واليوم يكتمل قمره بدرا يزين السماء في يوم منتصف . إن رمضان من يوم غد يودعنا زمانه رويدا رويدا في لحظات هدوء وسكينة ، فراقب قمره كل يوم ، إذ بعض نوره يختفي بشكل جزئي بقدرة قادر ؛ ليهل هلال آخر ، هو عيد للمسلمين . إن نورا يحجب من قمر رمضان هو أنس يختفي من صدور بشر مسلمين ، عرفوا للشهر قدره ، وللزمن أمره ، فعمروه بما يقرب إلى الله من صلاة وصيام وذكر وإطعام وصدقة … ، وهم في منهجية تسارعية تنافسية ، ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) . رمضان ذهب نصفه ، وبقي مثل ماذهب ، فماذا نحن صانعون ؟ . رمضان ما لك تلفظ الأنفاسا / أولم تكن في أفقنا نبراسا / لطفا رويدك بالقلوب فقد سمت / واستأنست بجلالك استئناسا .
أيا رمضان شهر البركة ، نور قمرك في قلوبنا يسطع نورا ، فأنت شهر القرآن والصيام وإطعام الطعام وصلة الأرحام ، لك مع المشاعر والسلوك مدرسة ، ولك مع النفوس ترويضا ، ولك مع القيم إبداعا . مضى نصفك الأول فكأن زمن عمرنا انتصف ، أحببناك يا رمضان لأنك شهر طاعة ، أحببناك يارمضان ، لأنك شهر عتق وغفران ، وقتنا في شهرك بالخير معمور ، وعدونا الشيطاني مسلسل مدحور ، أحببناك ياسيد الشهور، أحببناك رغبة في الرحمة من الرحيم الغفور ، ذهب زمن مهم وبقي أهم ، عشر مباركات في نصفه الباقي ، وليلة قدر خير من ألف شهر، ينتظرها البشر ، ليعمروها قياما واحتسابا ، عبادة لله ، ورجاء ثوابه ، لذا فجدوا واجتهدوا ، وشمروا ، فما بقي فيه خير كثير ، بحق رمضان فرصة عمر لمن أراد الفوز والفلاح . فهنيئا لمن كان في يوم عيده سعيدا ، بأن وفقه ربه للأعمال الصالحة مخلصا لله، وسائلا منه القبول ، محافظا على عبادته حتى يلقى ربه ، فرب رمضان رب الشهور كلها ، فليست العبادة فترية في زمن معين ، بل زمن العمر كله ، إذ نهايتها انقطاع نفس متيقن . وأخيرا أهمس همسة : كم من نفس ستختفي قبل اختفاء قمره ! ، وكم من روح سترتحل لربها قبل رحيله ! ، فاللهم سلم سلم .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *