حقيبة تخطو لمدرسة .


حقيبة تخطو لمدرسة .



علي بن سعد الفريدي .

أيام قلائل ويبدأ عام دراسي جديد ، شمعات الأمل تسبق طلابها في دوامها ؛ استعدادا لهم في كل مايخصهم في دراستهم ، وتسهيلا لهم في عملية التعلم والتعليم والتقويم والتقييم ، تخرج في العام السابق طلاب ، وابتعث آخرون ، وتوظف بعض ، والتحق بالجامعات المحلية بعض آخر ، وبعض كبر وسادته ليشبع نوما زمنا من الوقت على حد قوله ! ، وليتبصر بهدوء مستقبله ! ، إلا أن هناك جيل جديد برئ ستبصره الأعين ، أو ربما لاتبصره ، لكنها حتما ستبصر حقائب مدرسية تتقارب خطاها عامدة لمدرستها في الطرقات والساحات العامة ، إنهم تلاميذ الصف الأول الابتدائي ، هم صغارنا اليوم وكبارنا غدا ، ما أجمل براءتهم ! ، وما ألطف سلوكهم ! ، وما أجمل تدريسهم ! دمعات على وجنات في صباحهم الدراسي الأول ، أو ربما تزججت الدمعات في محجر عين ، تشابك أيد بين ابن وأبيه لايخلو من شدة خوفا من فراق الأب ، ثم اهتزاز المشاعر بصوت صارخ نتيجته ذريف دمع طفولي يتقاطر ، إذ القضية عندهم خروج من مبنى مألوف معروف ( البيت ) ، إلى مبنى في نظرهم مخوف ( المدرسة ) ، أشجعهم سلوكا من كان في عامه السابق في روضة تعليمية روضته ، أودراسة تمهيدية مهدت له . كم هي فرحة عارمة عندما يلتحق الابن أو البنت بالمدرسة ! ، إذ يعم الأسرة شعور السرور والسعادة خاصة عندما تكون الدراسة لأول بكر من ابن أو بنت ، فهاهي الأسر اليوم تجوب الأسواق لشراء مستلزمات الدراسة مما صغر أوكبر فرحا بذلك ، لكنني هنا أنبه على مسألة حقيبة التلميذ ، فحبذا تكون مناسبة للتلميذ طولا وعرضا ووزنا ، فبعض الحقائب هي نصف وزن بعض التلاميذ ! ، فلينتبه أولياء أمور التلاميذ لذلك ، فليس التعليم حمل أثقال ، أو قياس قوة ظهر ، أوقوة تحمل ! ، كما أن تشجيع التلاميذ في أسبوعهم التمهيدي الأول والحضور معهم ضرورة تربية ، وتشجيع مشاعر ، ودافعية تعلم ، وحضور عطف ، واستدعاء سكينة ، وتقوية رابطة ، وتعزيز سلوك ، وحسن تعامل ، وتعاون بيت مع مدرسة ، وخيرية والد ، فخيركم خيركم لأهله ؛ لذا فإنني هنا أنادي أولياء أمور التلاميذ أن يهتموا بالأسبوع التمهيدي الأول في المدرسة حضورا ومشاركة ، فالابن إذا رأى أبيه تشجع ، فإذا شجعه في المشاركة في البرنامج المعد استجاب ، إن الأسبوع التمهيدي وبرامجه علاج نفسي سلوكي لإزالة رهبة الصغار ، إذ جعل ليتعود التلميذ مغادرة محضنه التربوي الأول ( البيت ) لمحضنه التربوي الثاني ( المدرسة ) بشكل تدريجي ؛ ليسرع في عملية التكيف مع محيطه الجديد ، وليتكون لديه موقف إيجابي تجاه المدرسة ومعلميها ومبناها ، وليتحقق نمو سوي لدى التلميذ روحيا ، وعقليا ، وعاطفيا ، واجتماعيا ، فجميل الاهتمام بذلك ، إن أول يوم للتلميذ في المدرسة حضورا ومشاركة هو شيء كبير في نظر التربويين والتربويات ، نتيجته إيجابية في جميع الأمور، ثم إنني هنا أطلب من أولياء أمور التلاميذ أن يستخدموا اللغة الإيجابية التعزيزية بعيدا عن لغة التوتر والعنف والإحباط ، فاللغة سلوك ، لها أثرها وتأثيرها ، وليسأل كل واحد منا نفسه ماحالها في أول يوم دراسي ؟ إن كان في الذاكرة بعض ذكريات محفوظة ، وأخيرا أهمس همسة : أخي معلم الصف الأول ومعلمته : سيأتي للمدرسة أولاد أيتام وسد آباؤهم الثرى ، فإياك إياك أن يزل لسانك بسؤال يجرح المشاعر ، ويزيد آلام الفقد ألما ، فكن لهم نعم الأب بلغتك وسلوكك واحتوائك ، إن الأطفال الأيتام لهم مشاعر خاصة ، وجدار نفسي رقيق ، لايعرف ذلك إلا من ذاق ألم الفقد وحرارة اليتم ، فكن نبيها ، لماحا، مدركا لبعض حقيقة من أمامك من بشر ، لايعرف أسرارهم إلا أنت ، ثم أترك لمشاعري خطامها أن تسوق لك تحية إكبار وعرفان ، وقبلة احترام وتقدير في احتوائك لتلاميذك ، وصبرك في تعليمهم ، لله دركم يامعلمي الصف الأول الابتدائي ! كم أنتم رائعون ! ، وكم من حسنات تسجل عند الله لكم إن احتسبتم الأجر ! ، وأخلصتم لله النيات ، وأصبتم في عملكم ، كم نحن ننتظر غرسكم ! ، فأنت سقاء ، فليكن سقاؤكم نقيا ، طاب عملكم ووقتكم ، وبوركت جهودكم ، ورزقكم الله صلاح نيتكم وذريتكم ؛ لما تقدمونه من جهد رائع في تربية وإصلاح النشء ، فهنيئا لكم مكانكم ، فالمكان يزدان بكم ، وإنا لإبداعكم من المنتظرين .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *