دعوة لحفلة طلاق !


دعوة لحفلة طلاق !



علي بن سعد الفريدي .

تفاجأت وتفاجأ غيري من خبر أوردته بعض الصحف الإلكترونية من احتفال بعض المطلقات من أزواجهن بدعوة مكتوبة موجهة لزميلات المطلقة ولقريباتها المتعاطفات معها في حضور تلك الحفلة التي تضاهي حفلة العرس وتماثلها مكانا وشكلا وهيأة ، بل حتى كرت الدعوة لحفلة الطلاق يشبه تماما كرت الدعوة للزواج ! ، إن هذا الصنيع ينم عن نفسية حقودة انتقامية ، باعثها مشاعر متأججة نارا ، غلبت العقل فأطفأت نوره ، فكان السلوك ممجوجا مبتذلا وضيعا مخالفا لشرع الله وفطرة خلقه السوية ، فكم بهذا السلوك من قطع للأرحام ! ، وتغييبا للسعادة ، وطردا للخاطبين في المستقبل ، ثم إن شرعنا الحكيم أمرنا بالصبر في جميع أمورنا ، فالصبر نهايته فرج وفرح ، ومن المحن منح ، وقد تولد السعادة من رحم الظلمة والبلاء ؛ لذا ما أجمل قول الله عز وجل ( وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما ) ! ، إنني مازلت متعجبا من هذه الحفلات المقامة من بعض المطلقات للحصول على الورقة الذهبية ! ، كما أنني مازلت متعجبا من نظرة المجتمع نحو المطلقة بعين الازدراء والاحتقار ! . إن الطلاق قد يكون أمرا واقعا ، ونهاية حل لعلاقة لم يحالفها التوفيق ، وبداية حل لعلاقة أخرى مشروعة ، عاقبتها النجاح والفلاح بإذن الله ، فالذي أباح الزواج هو الذي شرع الطلاق ، بشريعة سمحاء كفلت للجميع حق الكرامة والاعتبار والاستقرار والسعادة ، ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) ، بل قال سبحانه ( ولاتنسوا الفضل بينكم ) ، إنه كما يكون هناك زواج ناجح ، فهناك طلاق ناجح ، وهو الذي لايترك جروحا عميقة في نفوس المطلقين وأبنائهم وأسرهم ، ولا يصعد إلى أمور فيها من البهتان والكذب والنميمة والغيبة وقول الزور ما الله به عليم . إن الوفاء والستر بعد الطلاق شيمة رجل ، وعظمة أنثى ، فلا أسرار تذاع ، ولا خبر يتناقل ، بل زمن مضى بأحداثه وانتهى لحكمة أرادها الله ، والله عليم حكيم ، وأخيرا أهمس قائلا : إنني أستشعر من كلمة الطلاق الانطلاق نحو حياة أخرى أكثر طمأنينة وسعادة ، فلايأس مع الحياة ، لكن المبادئ الأصيلة والشيم النبيلة لابد أن ينتصر لها في زواجنا أو في طلاقنا لاقدر الله ، ثم إنه من الخطأ الاجتماعي أن يكون أكثر الحلال الطلاق ! ، فالنكاح ميثاق غليظ ، لايلعب به لأدنى سبب بلفظ ينعقد من نية صاحبه شرعا بفراق امرأته طلاقا ، فليس هواء البيوت منعشا على وجه الدوام ، فهناك مايعكر الصفو ، لكن شجاعة أعمدة البيت ( الزوجين ) وصلابتهم وحكمتهم ومودتهم وتعقلهم وتفاهمهم تحفظ للبيت استقراره وعدم انهياره ، تكون فيها ورقة الزواج الخضراء نبتة متجذرة تسقى بماء المحبة والصفاء والمودة وحلو الكلام ومعسوله ، بعيدا كل البعد عن الورقة الصفراء الذهبية والتي بينها وبين ذبول العلاقة الأسرية تلازما ومشابهة وتماثلا ، وإلى حياة سعيدة مديدة بين كل زوجين ، وسترا وعفافا ورزقا لكل مطلقين في عاجل زمن .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *