حـيـوان يـتألــم .


حـيـوان يـتألــم .



علي بن سعد الفريدي .

ساءني وساء كثير من البشر منظر ثعلب يحترق في قفص حديدي ، داهمت النار قفصه بفعل جناية ! ، وبعيدا عن هدف من أحرقه ، أفوضوية يعيشها ؟ ! ، أم ثأر لطيور لاتطير بعيدا زعما منه ؟ ! ، أم إحساس ترمد في صدور ذوي الطيور ، فبان بسلوك أعمى ممجوج ، وقهقهة باردة ، ونار ملتهبة جعلت الثعلب يستسلم لما بلي به صريعا حريقا ، وحيث إن الألم يتعدد شكلا وحسا ، فقد امتد إلى حصان هوى عليه شاب بمطرقة طرقها على ناصيته ، فسقط ورسنه قد شد إلى قائم عمودي ، في منظر يؤلم كل من سمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( الخيل معقود بنواصيها الخير إلى قيام الساعة ) ، إن تعذيب الحيوان وتصوير إيلامه بتعليق لفظي غير لائق ماهو إلا خلل تربية ، وقلة وعي ، وسماجة تفكير ، وتشويه صورة ، وتسطيح مثل ، وفوضوية سلوك ، إذ إن ديننا الإسلامي الحنيف أمرنا بأن نحسن الذبح والقتل في الحيوانات إن نحن ذبحنا أو قتلنا ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن اقتداء ، وأفضل سلوك ، وأجمل اتباع ، فله مع الحيوان الصائل وغيره قصص تشع نورا وكرامة ، وتبين نضج عقل وحكمة . كما أن لنا مع تأريخنا العربي الأصيل مواقف مشرفة حفظت بقيم إنسانية رائعة تجاه حيوانات بعضها يحمل سلوك الافتراس والسبعية فحفظت للحيوان حقه وكرامته . إننا كما نعلم أن في كل كبد رطبة أجر ، فهناك أكباد فيها إثم وحيف وذنوب ، ثم إن الشريعة الإسلامية السمحاء فرقت بين تعذيب الحيوان بالنار ونحوه ، وبين إتلاف الحيوان المؤذي حرقا بالنار إذا لم يكن هناك طريق لإتلافه إلا بها ، ففرق بين قصد التعذيب بالنار ، وبين انعدام طرق القتل إلا بالنار ، ثم ما فائدة تصوير الحيوان المؤذي الصائل المراد قتله ؟ ! ، فالتصوير هنا لاداعي له ، فكم من ألم نقلته صورة ! ، فاتسع محيطه فعكر الأمزجة ، وكدر الخواطر . إنه كما أن للإنسان حقوقه ، فللحيوان حقوقه ، حتى في طريقة التعزير والقتل ، ولايعذب بالنار إلا ربها ، قال صلى الله عليه وسلم ( … لا يعذب بالنار إلا رب النار ) . رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وصححه الألباني . إن سلوك الإنسانية والرحمة لايختص بها عالم الإنسان وحده ، بل هو سلوك يتعدى عالم الإنسانية إلى عالم الحيوانية ، ويكفي أن امرأة دخلت النار في تعذيب هرة ، ورجل دخل جنان الله في كلب سقاه ، وأخيرا أهمس همسة فأقول : إن الله لم يخلق الحيوانات عبثا ، إذ لها دور كبير في الطبيعة وتوازنها ، وقد خلقت قبل خلق آدم أبو البشر ، فكما أن حياتها تتطلب كرامة عيش ، فكذلك موتها يتطلب كرامة أخرى .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *