إنجازات الأجهزة الحكومية بعد عام من إعلان برنامج التحول الوطني


إنجازات الأجهزة الحكومية بعد عام من إعلان برنامج التحول الوطني



أوضح بعض المختصين في مجالات متعددة بأن المؤسسات الحكومية والرسمية مازالت بحاجة إلى الكثير من الوقت حتى تستطيع أن تتماشى مع الأفكار والرؤية التي جاء بها برنامج التحول الوطني والذي تم الإعلان عنه قبل عام تقريباً، حيث إن الإشكالية ليست في أفكار البرنامج والرؤية التي حملها، والمنطلقة من فكرة الاستغناء عن النفط كداعم أساسي، والتوجه إلى سبل متنوعة وعديدة لتطوير وتنمية الاقتصاد، بل المشكلة تكمن في أداء الجهاز الحكومي والذي لم يتطور بعد ومازال دون مستوى التطوير المرجو.

على الرغم من أن برنامج التحول الوطني وصل إلى كافة الشرائح المختلفة من المجتمع، فالتغيير موجود ولوحظ في بعض الجهات الرسمية، إلا أنه مازال التغير الطفيف الذي يحتاج للكثير من الجهد في التعامل مع الجهاز بأكمله، وتوقع المختصون أن يثمر برنامج التحول الوطني ولكن ذلك يحتاج إلى الحقيقة والإيضاح والمشاركة والفهم وتغيير في منظومة العمل الحكومي ابتداء من الثقافة السائدة حتى العاملين في كل جهاز.

السلطان: سد الثغرات الموجودة في أسلوب أداء الأنظمة هو البداية

إيضاح التفاصيل

يرى الخبير الإعلامي ورئيس قسم العلاقات العامة بجامعة الملك عبدالعزيز د. زامل أبو زنادة، أنه منذ الإعلان عن الرؤية وبرنامج التحول الوطني كان هناك تساؤلات كثيرة وأطروحات على مستوى الشرائح المختلفة ولاشك أن رسالة برنامج التحول وصلت لجميع أفراد المجتمع فالجميع يعلم بأن هناك خطة إستراتيجية قصيرة المدى وهناك خطة أخرى طويلة المدى بدت واضحة للجميع، فعلى مستوى المؤسسات الرسمية فالعوائد التي رأيناها منذ انطلاقة هذا البرنامج كبيرة وذلك كان على مستوى النقاشات والتساؤلات وحتى الشائعات منها، فالتفاعل الوطني الشعبي معها كبير جدا، والتفاعل أيضا الوطني التنظيمي المؤسسي كبير جدا، فلا يوجد جهاز أو نشاط لم يلصق أي نشاط قدمه برؤية 2030 وهذا أمر ايجابي.

وبين أن برنامج التحول الوطني أثار حفيظة الكثير من فئات الجماهير وبالتأكيد ذلك له نتائج ملموسة على مستوى النقاش العام في الفصول والمحاضرات والمنتديات والجلسات الخاصة وذلك من خلال مجالس الصفوة وأيضا مجالس الأجهزة التنفيذية والمستوى الشعبي، فالنقاشات موجودة ولكن يبدو من المؤكد بأنه ليس هناك وضوح دقيق للرسائل الخاصة بالخدمات والأسعار على الرغم من دقة البرنامج وتكرار الحديث عنه ولذلك تغزو الشائعات حوله، فالكثير من الأطروحات التي ليس لها أساس تتداول على مستوى الرأي العام والجامعات المختلفة، فالمردودات المحسوسة للتحول الوطني بدت واضحة في الكثير من التحفظ الذي حصل لدى الناس في استهلاك الماء والكهرباء فكأن منظومة الإعلام الذي تحدث عن التحول الوطني حقق الكثير من العوائد قبل أن تشرع.

أبو زنادة: نحتاج إلى وضوح في الرسائل الخاصة بالخدمات والأسعار بعيداً عن الشائعات

وأشار أبو زنادة إلى أن رفع الدعم خلق الكثير من التخوف لدى المواطنين من الوقوع في طائلة الدفع فأصبح هناك تراجع في الصرف وهذه تدخل ضمن الحالات الحميدة والإيجابية، لأن الهدر غير مطلوب ومن يتحدث عن إشكاليات الضغوط المالية التي أصبحت في واقع الناس فهي جزء من الحركة الإصلاحية المالية وأمور كانت مقرة في وقت الطفرة، فتلك الضغوط المالية هي ضغوط نظامية وتنظيمية، فعلى سبيل المثال كان هناك ثلاث بدلات ومن ضمنها بدل “ندرة” وهي من البدلات التي أوقفت بالنظام فيما دخلت البعض منها تحت طائلة الدراسة.

وأكد بأن من أهم الإنجازات التي وافقت التحول الوطني خلال هذا العام تمثلت في رفع الدعم عن بعض الخدمات لأنه يدخل ضمن الإصلاح والإصلاح حالة حميدة فالهدر غير مطلوب فعلى سبيل المثال “التسعيرة” مهمة وزارة التجارة، والعقار مهمة وزارة الإسكان فيجب أن يكون لكل ذلك إعلام واضح عن كل قرار يخص بيت المنظمة بتفاصيل واضحة حتى لا تختلط الأمور أمام الناس وتلك مهمة إدارات الإعلام في المؤسسات الرسمية التي يجب أن يكون لديها برامج فاعل للوصول للناس لأن مثل هذه القضايا تمس المواطنين بشكل مباشر فيجب أن يولى اهتمام بالغ في التفصيل والإيضاح لإظهار حقيقة القرار.

هاشم: لابد من دعم الأنشطة الإنتاجية فالطلب أساس الحراك الاقتصادي

رفع مستوى المهنية

بدوره، يرى المختص في الاقتصاد النقدي والمالي د. صالح السلطان بأن الجهاز الحكومي لم يرتقِ حتى الآن إلى المستوى المأمول منه لأن تغيير الضعف في الجهاز الحكومي موضوع عميق لا يعالج في سنة أو أكثر بل يحتاج إلى تغير في الجذور، فيوجد هناك تدنٍ في المستوى المهني الحكومي وتوجد أساليب قديمة مازالت موجودة وجمود ومحسوبيات أحدثت الكثير من الخلل، فنحن بحاجة إلى معالجة جذرية للكثير من الأمور في الأداء والإنتاجية والتركيز على المستوى المهني، فالمستوى المهني للموظف الحكومي دون المطلوب وتلك مشكلة تعوق من سرعة التفاعل مع الرؤية.

وأوضح بأنه من الصعب أن يتطور الجهاز الحكومي بأدائه إذا لم يبادر بشكل جاد إلى رفع مستوى الإنتاجية والفهم والقدرات المهنية والكفاءة المهنية فحتى الآن لم نلاحظ وجود أداء قوي ومتناسب مع ذلك البرنامج لمناشدة التغيير، مبيناً بأن تفاعل الأجهزة الحكومية مع ما تطلبه الحالة الحاضرة يعتمد على مدى القدرات والفهم والتطبيق الموجودة بذلك الجهاز فمن الصعب الحكم بشكل سريع، فللأسف حتى على مستوى الأفراد الرؤية غير واضحة ويوجد هناك سوء فهم ومغالطات تنتشر حول الموضوع ولذلك نحن بحاجة من الأجهزة التنفيذية الإيضاح والتفسير لخطواتها وطرح أسئلة أهمها: لماذا هذا قبل هذا؟ وكيف؟ فجميع هذه التفاصيل مهمة إلا أنه للأسف يوجد ضعف ملحوظ حول إيضاحها.

وأكد السلطان على ضرورة أن تتخذ الكثير من الخطوات التي من شأنها أن ترفع من إمكانية تحقيق الرؤية وأهمها التركيز على رفع الأداء الحكومي وتقوية ذهنيته وأدائها، فرفع الموارد البشرية يحتاج للكثير من العمل والدعم من قبل معهد الإدارة وجهات أخرى فعلى سيبل المثال هيئة الخبراء لابد أن تطور لأنها تعد التقارير فيجب أن تكون بمستوى الهيئات الاستشارية التي تتبع لجهات المجالس العليا فيجب أن تخرج بمستوى أعلى مع الحرص على تنوع التخصصات، مبينا بأن القطاع الحكومي يحتاج إلى النظر في الكثير من الثغرات التي به حتى يتوافق مع فكرة التحول الوطني كالنظر في أساليب الخدمة المدنية من ترقيات وتوظيف فتحتاج إلى غربلة وتساعد على تحسين أداء الجهاز التنفيذي.

الأنشطة الإنتاجية

وأشار أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز د. وليد عرب هاشم بأن رؤية 2030 تتطلب تغيراً جذرياً في طريقة تفكيرنا وأدائنا للأمور، فقضت الرؤية بأساسيات متفق عليها ومن أهمها بأنه لا يمكن الاستمرار بالاعتماد على النفط كالمصدر الرئيسي أو الوحيد للدخل، ولابد من تحول المجتمع السعودي إلى مجتمع منتج إن كنا نأمل في استمرارية اقتصادنا، وهذه أساسيات متفق عليها ولكن للأسف لم يكن لدينا تغير واضح في اقتصادنا منذ 50 عاماً، فمنذ أن بدء إنتاج وتصدير النفط ونحن نعتمد عليه بشكل كامل سواء كدولة أو مجتمع فالاقتصاد قائم مباشرة إما على النفط أو إنفاق الدولة الذي هو بدوره آتي من النفط، مبينا بأن الرؤية جاءت لكسر هذا التفكير فأول انجاز لها هو إصرارها على تغير نمط تفكيرنا وبالفعل وجدنا بأن هناك تغيرات مختلفة على مستوى جميع الوزارات وأيضا في بعض الشركات، حيث بدأ الآن البحث عن إيرادات أخرى خلاف النفط.

وأوضح بأن من أهم المبادرات التي قامت بها بعض الجهات الرسمية ربما اللافت في الوقت الحالي فرض رسوم الضرائب بحيث تكون هناك تكلفة لبعض سلع الخدمات التي كانت توفر إما مجانا من قبل أو ذات تكلفة قليلة فعلى سبيل المثال إصدار الضريبة على المشروبات الغازية والتبغ وهذه السلع تباع في الأسواق ويدفع المستهلك سعرها ولكن ذلك لا يعني بأن سعرها يمثل كامل تكاليفها، فالتدخين له آثار سلبية معروفة وكذلك المشروبات الغازية وعندما يتضرر أي مواطن منها فأنه يتطلع إلى العلاج المجاني من الدولة فهناك تكاليف لهذه السلع ولذلك يجب أن تحصل الدولة على إيرادات تغطي هذه الآثار الاجتماعية السلبية وهذا معمول به في جميع الدول.

وذكر هاشم بأن أهم الأمور التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في المرحلة المقبلة من قبل الجهات الحكومية حتى تتناسب مع هذه المرحلة بأن يتم التركيز على دعم الأنشطة الإنتاجية، فلاشك بأن هناك عدة خدمات وسلع توفر بأقل من تكاليفها وبالتالي لها تكلفة اجتماعية ومن الواجب أن يتم تدريجيا تحديد أسعارها وهذا جاري ولكن في نفس الوقت يجب أن يكون هناك تعويد للمستهلك لأن المستهلك هو أساس الاقتصاد فالاقتصاد الذي لا يوجد فيه طلب للمستهلكين هو اقتصاد سوف يتضرر كثيرا فالطلب هو أساس الحركة والنشاط الاقتصادي وعندما يشعر المستهلك بانخفاض جزء من دخله ويتوقع انخفاضاً أكثر فإنه سوف يعزف عن الطلب مما سيضر بالاقتصاد ضرراً بالغاً سواء من ناحية المستهلكين أو المستثمرين ولذلك من الأفضل أن يتم في المرحلة المقبلة التركيز على الأنشطة الإنتاجية وبدعمها تعود هذه الأنشطة بمردودها لداخل الاقتصاد كتوظيف المواطنين أو تدريبهم على القدرة على الإنتاج بأي شكل بحيث يتم دفع حركة


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *