«آبل» تقلب معادلة شاشة الـ «ويب»


«آبل» تقلب معادلة شاشة الـ «ويب»



الأرجح أنّ يهزّ المخرج السينمائي ستيفن سبيلبيرغ عوالم شاشات المرئي- المسموع ثانية، بل يقلب المعادلات السائدة حاضراً في المحتوى البصري على الإنترنت، بل حتى قبل أن تستقر وتترسخ.

لا أقل من ذلك في وصف التحالف بين سبيلبيرغ (المعتني منذ بداياته بالتقنيات البصريّة) وشركة «آبل» صانعة «آي فون» الذي تحتل شاشاته عشرات ملايين الأيدي والعيون.

وللمرّة الأولى في ثورة المعلوماتيّة والاتصالات المتطوّرة، يندمج صنع الأجهزة والأدوات التي تنقل المحتوى الشبكي المرئي- المسموع، مع صناعة ذلك المحتوى ذاته. ويرسم تحالف آبل- سبيلبيرغ معادلة المستقبل في المشاهدة الرقميّة، وقوامها: صانع التقنية وشاشاتها هو أيضاً صانع المحتوى البصري الذي تنقله التقنية وأجهزتها عبر الإنترنت.

ولا أقل من القول إن ذلك انقلاب أو ثورة، لأن المعادلة بين التقنية والمحتوى الشبكي- البصري هي عكس ما يرسمه تحالف آبل- سبيلبيرغ الذي يلوّح بإطاحة معادلات الحاضر فيما هي قيد التبلور.

إذ يوصف الصعود المستمر لظاهرة «نت فليكس» حاضراً بأنه يمثّل اللحظة الأكثر تقدّماً في المشاهدة البصريّة على الشاشات الرقميّة، مع معادلة تفيد بتمكّن صنّاع المحتوى البصري على الـ «ويب» من السيطرة على المرئي- المسموع وجمهوره وشاشاته. وارتسمت تلك المعادلة بانتقال نموذجين لـ «نت فليكس» من نقل المحتوى البصري عبر الإنترنت إلى صناعته أيضاً. وذكّر ذلك بانتقال «سي ان ان» من نقل المحتوى التلفزيوني عبر الكوابل والـ «ستالايت» إلى المحتوى التلفزيوني الفضائي.

لوهلة، بدت معادلة «نت فليكس» التي قذفت شركات التلفزة إلى الوراء أشواطاً، كأنها تترسخ عبر مبادرات عملاقة في صنع المحتوى البصري. ومن النماذج على ذلك، يأتي ما أعلنته أخيراً شركة «أمازون. كوم» المختصة في التجارة الإلكترونيّة للمحتوى الرقمي- البصري، وسعي «فايسبوك» إلى جعله جزءاً مما يتناقله الجمهور عبر الـ «سوشال ميديا». وكذلك ظهر تألّق معادلة «نت فليكس» في اعتزامها التوسع بموازنتها في صنع المحتوى إلى 8 بلايين دولار في 2018.

في تلك اللحظة بالذات، كان لـ «آبل» رأي آخر، وكان لسبيلبيرغ رأي آخر أيضاً. وجاء تحالفهما غير المتوقع ملوّحاً بإنهاء معادلة «نت فليكس»، بل رميها إلى الماضي أشواطاً، إذ بدت «آبل» كأنها استعادت شجاعة المغامرة التي بثها ستيف جوبز في ثنايا تجربتها، عبر اعتزامها صنع المحتوى الذي يشاهده جمهور أدواتها التقنيّة، خصوصاً الخليوي الذكي «آي فون». ربما يذكر ذلك بأنها كانت سبّاقة في الدمج بين صنع الأجهزة الإلكترونيّة الذكيّة من جهة، والتطبيقات التي توضع عليها من جهة أخرى، عبر تجربة مخزنها الشبكي الشهير «آي تيونز». وعزّزت الأرقام تلك الجرأة، إذ أفادت بأن نصف محتوى التلفزيون سيصل الجمهور في 2020 عبر الهواتف الذكيّة. الأرجح أن من يقف في قلب صناعة تلك الأجهزة، لم يكن صعباً عليه فهم أن لحظته للعمل في المحتوى البصري- الشبكي، جاءت ونضجت.

وكذلك لم يلجأ سبيلبيرغ هذه المرّة إلى مخلوقه الفضائي الدافئ إنسانيّاً «إي تي» الذي هز قلوباً وعيوناً في ثمانينات القرن العشرين.

لم تعد تلك التقنيات سوى خرق بالية حاضراً، في ظل التصاعد المذهل للتقنيات البصرية في ثورة المعلوماتية والاتصالات المتطوّرة. ولأن سبيليبرغ كان حفيّاً بالتقنيّات البصريّة، خصوصاً مع تصاعد دخول تقنيات الكومبيوتر إلى المحتوى البصري في أفلام الإحياء بالكومبيوتر، الأرجح أنّه وجد ضالته في مبادرة «آبل» الساعية لصنع المحتوى. ويذكر ذلك بأنّه كرّس سنة للتعمّق في فهم تقنية «موشن كابتشر» قبل أن يطلق أفلاماً مذهلة، خصوصاً «العملاق الضخم الودود» الذي أشّر لنقلة نوعية في التقنيات البصريّة.

كيف تكون ردّة فعل «نت فليكس» وغيرها على تحالف آبل- سبيلبيرغ؟ هل يسيرون في الطريق ذاته، لكن في اتّجاه معاكس، على غرار ما فعلته شركة «ديزني» للأفلام، بشرائها شركة «بيكسار» للكومبيوتر المتخصصة بالتقنيات البصرية المتقدّمة؟


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *