بيونغيانغ تحتفي بالصاروخ العابر للقارات وواشنطن تراه «خطراً على العالم»


بيونغيانغ تحتفي بالصاروخ العابر للقارات وواشنطن تراه «خطراً على العالم»



أعلنت كوريا الشمالية أن صاروخاً عابراً للقارات اختبرته الثلثاء، انطلق من مركبة مطوّرة حديثاً، مشيرة الى أن رأسه الحربي يمكن أن يتحمل الضغط الناتج من العودة إلى الغلاف الجوي للأرض، ومؤكدة أنه يطاول كل أراضي الولايات المتحدة.

وأوردت وسائل إعلام رسمية أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أشرف على التجربة الصاروخية، ونقلت عنه قوله إن مركبة الإطلاق الجديدة «خالية من العيوب»، واعتبرها «تقدماً كبيراً». وأضافت أن إطلاق الصاروخ يؤكد على «سلامة الرأس الحربي في بيئة العودة للغلاف الجوي».

لكن مراقيين ومحللين يشككون في قدرة بيونغيانغ على إتقان التكنولوجيا المطلوبة لتصميم رأس حربي قادر على تحمل الضغط الهائل الناتج من العودة إلى الغلاف الجوي للأرض، معتبرين أن الدولة الستالينية لا تزال تحتاج إلى سنوات قبل تطوير وسيلة توصيل يمكن الاعتماد عليها لإطلاق سلاح نووي.

وكانت ري تشون-هي، المذيعة المفضلة للنظام، أطلّت عبر شاشة التلفزيون الرسمي لإعلان النبأ، قائلة إن كيم يشعر بـ «فخر لأننا تمكّنا في نهاية المطاف من تحقيق هدفنا التاريخي الكبير، وهو استكمال القوة النووية للدولة». وتابعت أن «النجاح الكبير لتجربة الصاروخ هواسونغ-15 هو نصر لا يقدّر بثمن، حققه الشعب الكبير البطل».

وأفادت وكالة الانباء الرسمية الكورية الشمالية بأن هذا الصاروخ «مزود برأس حربي ضخم جداً، قادر على ضرب القارة الأميركية برمتها». وشددت على أن تطويره سيحمي كوريا الشمالية من «سياسة الابتزاز والتهديد النووي للامبرياليين الأميركيين».

وأعلنت بيونغيانغ أن الصاروخ بلغ ارتفاع 4475 كيلومتراً، وحلّق مسافة 950 كيلومتراً خلال 53 دقيقة. واعتبرته الصاروخ الأقوى الذي تنتجه لكوريا الشمالية، علماً أن كلمة «هواسونغ» تعني المريخ.

وأشار «اتحاد العلماء المعنيين» (مقره الولايات المتحدة) إلى أن مسار الصاروخ والمسافة التي قطعها يفيدان بأن مداه سيكون أكثر من 13 ألف كيلومتر، وهذا أكثر مما يكفي لبلوغ واشنطن وكل اراضي الولايات المتحدة. واستدرك انه لم يتضح وزن الحمولة التي كانت على الصاروخ، لافتاً إلى أنه ليس متأكداً من قدرته على حمل رأس نووي ضخم كل هذه المسافة.

وقال ديفيد رايت، وهو خبير في مراقبة الأسلحة النووية، إن احداثيات عمليات الإطلاق تشير إلى أن الصاروخ مداه «أطول بكثير» من الصواريخ التي اطلقتها بيونغيانغ سابقاً. وتابع أن «هذا الصاروخ سيكون مداه كافياً ليبلغ العاصمة واشنطن وأي جزء من الولايات المتحدة». اما جيفري لويس، وهو خبير لدى «معهد ميدلبوري للدراسات الاستراتيجية» فرأى وجوب «التعايش مع قدرة كوريا الشمالية على استهداف الولايات المتحدة بأسلحة نووية».

وسقط الصاروخ في مياه المنطقة الاقتصادية الخاصة التابعة لليابان. واعتبر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أنه يشكّل «عملاً عنيفاً لا يمكن التسامح معه»، وتابع: «لن نخضع لأي عمل استفزازي. سنضاعف ضغطنا» على بيونغيانغ.

وبعد اتصال هاتفي بين آبي والرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعلن البيت الأبيض أن «الزعيمين اعتبرا أن الأعمال الاستفزازية للنظام الكوري الشمالي تعرّضه لخطر وتفاقم من عزلته عن المجتمع الدولي». وجددا «تأكيد التزامهما مواجهة التهديد الكوري الشمالي».

وتحدث ترامب أيضاً مع الرئيس الكوري الجنوبي مون جي-إن الذي رأى في إطلاق الصاروخ «استفزازاً غير مسؤول»، محذراً من أن «الوضع قد يخرج عن السيطرة، إذا أتقنت كوريا الشمالية تكنولوجيا الصواريخ الباليستية العابرة للقارات». وأضاف: «يجب أن نمنع سيناريو يمكن فيه للشمال أن يسيء تقدير الوضع وأن يهددنا بأسلحة نووية، أو أن تقرر الولايات المتحدة شنّ ضربة وقائية» على الدولة الستالينية.

وأعلن الجيش الكوري الجنوبي أنه نفذ تدريباً على إطلاق الصواريخ، بعد دقائق على إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي، علماً أن وزارة الدفاع الأميركية أكدت أن الصاروخ لم يشكل خطراً، لا على الولايات المتحدة القارية ولا على الأراضي الأميركية الأخرى، أو أراضي الدول الحليفة.

وأقرّ وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس بأن الصاروخ «بلغ ارتفاعاً أعلى من أي إطلاق سابق» أجراه الكوريون الشماليون، ووضع الأمر في إطار «جهود البحث والتطوير لمواصلة صنع صواريخ باليستية قادرة على تهديد أي مكان في العالم».

ورأى في ذلك «خطراً على العالم أجمع».

أما ترامب فعلّق: «هذا وضع سنتعامل معه». وشدد على أن إدارته لن تحيد عن سياستها القائمة على ممارسة «أقصى ضغط» من أجل كبح الطموحات النووية لبيونغيانغ، وفرض قيود جديدة للإضرار بتجارتها مع بكين.

لكن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أكد أن «الخيارات الديبلوماسية لا تزال ممكنة ومفتوحة». ودعا المجتمع الدولي إلى «اتخاذ إجراءات جديدة» تتجاوز العقوبات التي فرضها مجلس الامن على بيونغيانغ، بينها «حظر النقل البحري للبضائع من كوريا الشمالية وإليها».

وعقد مجلس الأمن جلسة عاجلة أمس، بطلب من طوكيو وواشنطن وسيول، بعدما اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش التجربة الصاروخية «انتهاكاً صارخاً لقرارات المجلس وازدراءً تاماً للمجتمع الدولي».

ونبّه وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل إلى أن «السلوك المتهور لكوريا الشمالية يشكّل تهديداً ضخماً للأمن الدولي»، فيما أعربت الصين عن «قلق بالغ»، وحضت الدولة الستالينية على احترام قرارات الأمم المتحدة «ووقف الأعمال التي من شأنها تصعيد التوتر في شبه الجزيرة الكورية». واستدركت: «في الوقت ذاته نأمل أيضاً بأن يحرص الأطراف المعنيون على العمل سوياً من أجل السلام والاستقرار في المنطقة».

كما رأى الكرملين في الاختبار الصاروخي «استفزازاً يثير توتراً إضافياً ويبعدنا من بداية تسوية الأزمة»، داعياً جميع الأطراف إلى «الحفاظ على الهدوء» لئلا «يصل الوضع في شبه الجزيرة الكورية إلى اسوأ السيناريوات».


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *