.
هل تسمحون لي أن أبحر بعقولكم في رحلة تأريخية
.
الزمن عصر ماقبل الاسلام وتحديد القرن السادس الميلادي تقريباً
.
المكان الجزيرة العربية
.
هناك ولد طفل صغير من قبيلة عبس ومن أم حبشية اسمها سميةً
.
لم يعيش ذلك الصغير طفولته الطبيعية كبقية أقرانه
.
والسبب خلل في النظام الاجتماعي
.
ولد عنترة بن شداد المنبوذ من أقرب الناس إليه فارساً وشاعراً استثنائي ناقماً على ذلك المجتمع وتصنيفاته العرقية المؤلمة قد دفع ثمن ذلك الخلل من طفولتة البريئة وأنكره أقرب الناس إليه بسبب سواده لكن فروسيته هي فقط من تكفلت بخروجه من ذلك الاضطهاد حينما اندلع النزاع بين أبناء العمومة في حرب داحس والغبراء التي استمرت قراباً ٤٠ سنه فما كان من ابن القبيلة البار إلا ان يتصدى لتلك الحرب بفروسيته الطاغية ومن هنا تغيرت تلك النظرة الوضيعة لابن شداد من عبد أسود لاقيمة له إلى فارس لايشق له غبار
.
حينما نتحدث عن عنترة يتخالج إلى الذاكرة صور مؤلمة عن العبودية والقمع فكيف استطاع ذلك الرجل تغيير مفاهيم متأصّلة في النفوس يصعب اقتلاعها ، ولّى زمن عنصرية عنتره وحلت صور في مجتمعنا أبشع منها ،قضيتنا اليوم تلونت بعدة ألوان بعد أن كان يحكمها السواد ” المجاملات في التوظيف وتسهيل الأمور للبعض وقيود حازمة على آخرين” هي اليوم عنصرية زماننا هذا فأصبح عند بعض المسؤولين اختيار الموظف وتسهيل معاملات المراجعين على أساس قبلي بمقوله ” هذا من الجماعة” دون مراعاة للأمانة التي كلف بها وإن الدولة وُضعته لخدمة الجميع دون استثناءات أو اعتبارات لا وجود لها في دستورنا
.
قد يتطور الوضع في بعض الأحيان لتؤثر تلك النعرات القبيلة في تنمية المنطقة بسبب اختلافات على أمور ثانوية غير مهمة فتعيق تقدم التنمية في تلك الأماكن النائية بحكم امتلاك بعض شيوخ أو أعيان أو مسىؤولين المنطقة لمناصب مهمة في الدولة
من ناحية أخرى نخرت تلك العنصرية البغيضة في طبقة المجتمع وأثرت في بناء الأسرة ليصبح اختيار الزوج أو الزوجة على أساس قبلي بحت دون النظر للكفؤ كما أمرنا ديننا الحنيف وقد سمعنا بقضايا مماثلة من هذا القبيل في المحاكم حيث هدمت أسرة بكاملها لأجل تلك الأمور،
.
لدي البعض اعتزاز بقبيلته حتى يصل الأمر أحياناً لإنكار الآخرين واحتقارهم وكأننا لسنا مخلوقين من تراب واحد ، نعيش ولله الحمد في مجتمع يحكمه الكتاب والسنة وقد نبذ ديننا تلك الفروقات بكافة أشكالها لأنه يعلم مدى تأثيرها السلبي على المجتمع وصحته
.
أأسف كثير أن نتحدث عن هذا الموضوع في عام ٢٠١٩ مع هذا الانفتاح والتطور الذى نعم به وطننا على كافة الأصعدة
لكن لابد من الحديث عن تلك القيود الاجتماعية التى دفنها ديننا قبل أن تدفنها وترفضها فطرتنا الإنسانية
.
بفضل الله قيادتنا اليوم سائرة بنهج معتدل وحازم ترفض أي إيديولوجيات وأفكار متطرفة
.
المؤسف والصادم في الأمر أن تلك العنصرية مازالت تعاني منها دول متقدمة إلى وقتٍ قريب لتتحول ظاهرة العبودية في أمريكا إلى حالة من البؤس يعيشها هؤلاء المواطنون،
.
الحرية هي أعظم منح الله للإنسان “حرية المعتقد حرية الكلمة وحرية الحياة” والحمدلله مملكتنا كفلت لنا تلك الحريات فهي تحكم بشرع الله أولاً ثم تحترم كل المواثيق الدولية
.
وفي نهاية هذا المقال لابد أن نقف مع أبيات ً شعرية لفارس رحلتنا عنترة بن شداد في شجاعته
.
هَلاَّ سأَلْتِ الخَيـلَ يا ابنةَ مالِـكٍ
إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَم تَعْلَمِـي
إِذْ لا أزَالُ عَلَى رِحَالـةِ سَابِـحٍ
نَهْـدٍ تعـاوَرُهُ الكُمـاةُ مُكَلَّـمِ
طَـوْراً يُـجَرَّدُ للطَّعانِ وتَـارَةً
يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْـرِمِ
يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـي
أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ
.
وفي الغزل
.
ولقد ذكرتك والرماح نواهل
مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبارق ثغرك المتبسم
1 ping