كورونا .. والترابط الاجتماعي .


كورونا .. والترابط الاجتماعي .


راكان عبدالله البشري
راكان عبدالله البشري
 
كاتب سعودي

إقرأ المزيد
كورونا .. والترابط الاجتماعي .
التفاصيل

لا شك أن فايروس كورونا سبب الكثير من الخوف والهلع بين الناس بينما مازال الكثيرون ينظرون إليه باعتباره ليس أكثر من مجرد انفلونزا عادية، وبالتالي نرى أنهم يتعاملون معه بطريقة تتسم بالتراخي والتهاون الكبير. بل نرى البعض كانت السخرية هي الطريقة الأمثل بالنسبة له في التعامل مع هذا الوباء، ضاربين بالتعليمات التي تأتي من الجهات العليا عرض الحائط، الأمر الذي زاد من حدة الوباء وانتشاره في كثير من دول العالم. إن القواعد الشرعية والأنظمة المحلية تؤكد على ضرورة البقاء في المنزل وعدم الاستهانة بالخروج إلا لحاجة ضرورية. هذا ما استدعى من أن الأوقات التي نقضيها في المنزل أصبحت أكثر من قبل، وفي هذا المقال سوف اتطرق إلى أحد نتائج المكوث في المنزل أو أحد الآثار التي تسبب بها فايروس كورونا على البيئة الاجتماعية؛ وهو الترابط الاجتماعي الذي ظهر من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.


إن الناظر إلى الانفجار المعلوماتي في وسائل التواصل الحديثة ليجد أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت هي سمة العصر التي تتميز بسرعتها وتنوعها الهائل، حيث أن الفرد الواحد يجد في جهازه المحمول أكثر من تطبيق للتواصل ليس لشيء إلا لكي يحقق التواصل والترابط مع دوائر معرفته. لهذا، عندما يتم تحميل تطبيق من التطبيقات التي تهدف إلى التواصل مع الآخرين، نجد أن الإنسان يعيش في جو افتراضي ربما يبتعد فيه عمن هم حوله في الواقع إن لم يجد في ذاته نسبة من الوعي الحقيقي بالهدف الرئيس الذي من أجله كانت هذه الثورة المعلوماتية.


هذا يقودنا بطبيعة الحال -ولا محالة- إلى الهدف الرئيس من هذا المقال والذي يركز على آثار كورونا الاجتماعية (الإيجابية). عندما حدثت أزمة فايروس كورونا الحالي Covid-19 أصبح كل منا يلازم بيته تحقيقاً لحملة كلنا مسؤول والتي تأتي لكي تحث الجميع على البقاء في المنزل والابتعاد عن التجمعات تحقيقاً لمبدأ التباعد الجسدي الذي أثبت نجاعته في القضاء على دائرة انتشار الفايروس هذا، وقد دعت الحاجة بالضرورة إلى استغلال الوقت في النافع والمفيد، حيث أن هذا الوقت قد لا يتكرر في حياة المرء سوى مرة واحد فقط حيث يجتمع الفراغ والصحة معاً.


لقد اصبحت وسائل التواصل الاجتماعي باعث رئيس للحياة في كثير من العلاقات الاجتماعية وذلك من خلال المكالمات المرئية والصوتية التي تأتي لتمثل حلقة الوصل بين أفراد الأسرة فيقضي الشخص مع أقاربه وأرحامه وأصدقائه ساعات وساعات عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي ويكون قريباً منهم يشاهدهم بالصوت والصورة. وهذا بحق يعتبر من النعم التي قلّما تُذكر فَتُشكر، حيث كنا بالأمس القريب لا نستطيع الوصول بعلاقاتنا إلى المرحلة الحالية من المتانة والتي كان الانشغال بالأعمال والمضي في المهام الحياتية خارج المنزل يؤثر بشكل كبير في ترابط علاقاتنا.


لقد جاء هذا الوباء – فايروس كورونا – ليجبرنا على المكوث في المنزل مما شكل فرصة للحوار بين جميع أفراد الأسرة، والذي من شأنه ولَّد طاقة فياضة بالحميمية والمحبة ولا أبالغ إن قلت أن الكثير من المشاكل العائلية انحسرت وفي كثير من الأحيان زالت بسبب الحجر المنزلي الذي جعلنا نواجه تلك المشاكل بل ونتعرف على حجمها الطبيعي الذي كان الهروب هو العامل الأساسي -في كثير منها- في وجودها.


إن جائحة كورونا جعلتنا نعود نسبياً ونتواصل مع من ابتعدنا عنهم جسدياً، فعلى سبيل المثال: حين تجد رب الأسرة يتواصل مع أفراد أسرته في مجتمعه أو في دول الخليج أو حتى على مستوى العالم ويشاهد ويعرف أخبارهم فإن ذلك يعد من الجوانب الإيجابية للأزمة ويعتبر استثمار مهم لهذه الجائحة.


في المحصلة، فإن النقطة الإيجابية المهمة التي أنتجتها هذه الأزمة، هي تعزيز الترابط الاجتماعي بين مختلف شرائح المجتمع من مواطنين ومقيمين، والتفاف الجميع خلف القيادة الرشيدة، التي تدير الأزمة باحترافية عالية، وظهور المجتمع كله ككتلة واحدة. وبالحديث عن الترابط الاجتماعي، فإنه لا يخفى هُنا دور الأخصائي الاجتماعي، وحرصه على تسليط الضوء على هذا الجانب من حيث طرح مبادرات أسرية اجتماعية للتواصل مع الأهل والأصحاب وفرصة لتجديد أواصر المحبة أثناء هذه الجائحة والتي نسأل الله أن يكشفها عاجلاً غير آجل .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *