أنس الربيع في عاصمة الربيع .


أنس الربيع في عاصمة الربيع .



بقلم : علي بن سعد الفريدي .

أتى الربيع بهوائه الطلق ضاحكا مضحكا آنسا مؤنسا ، فلبست الأرض ثوبها العشبي الملون ، فابتسمت الحياة وعلت الابتسامة محيا البشر ، إن الربيع عرس الطبيعة ، هو بهجة النفوس ونضارتها ،
وهو الجمال الذي حباه الله طبيعتنا ، وأنعم به على الإنسان . إن تأثير فصل الربيع على النفس البشرية تأثير أنس وسعادة ، وهدوء نفس ، وراحة بال ، وطمأنينة ضمير، وشكر واهب متفضل سبحانه ! ، إن عينا تبصر ورود الربيع الملونة وهي تتمايل ؛ ملاعبة لنسيم الصبا ، وأنفا يشم وينتشي رائحة نبته من الخزامى والنفل والبختري والأقحوان…. بانتشاء عبق ، وأذنا تسمع الطيور بتغريداتها وألحانها الصافية الضافية على الطبيعة سحر الجمال ، هي حياة بمعنى هذه الكلمة ، لاتلبث نفسك إلا أن تصمت ؛ فالصمت في حضرة الجمال جمال ! ، وسبحان الله الجميل محب الجمال ! ، إن الربيع اكتمال جمال الصورة وجمال الصوت وجمال الرائحة ، إذ تنتشي النفس البشرية أيما انتشاء ! ، شاهقة وزافرة مستذوقة للهواء الربيعي طعما ولذاذة ، فرحلة برية لمناطق الربيع في بلادنا العزيزة هي باعثة أنس ، ومجددة عمر ، وطاردة هم وقلق وحزن ، وزارعة لابتسامة ساحرة ، وشاكرة لصنع رب متقن ، وزائدة في إيمان لرب هذا الكون وخالقه ، كل ذلك بإرادة الله وقدرته جل شأنه ، إن مع الربيع أحاسيس وأسرار ، وأذكار وأخبار ، إذ يحلو مع الربيع الحداء ، ويزدان القصيد ، وتحسن السولافة الهادفة ، والمزاح المؤدب ، والمحاورة الكلامية الموجزة الجاذبة ، وتجمل المجالس بصلاء النار المشعومة وصوت حسيسها الجميل ، وألسنة اشتعالها العازفة دفأ وأنسا وحيوية ، ومعاميل القهوة المكتملة المجاورة لصلاء النار من جميرات تتلامظ حرارة ، تحفظ لكل مشروب يجاورها حقه من الحرارة والطعم واللذاذة ،
من بن خولاني ، وشاي سيلاني ، وحليب زنجبيلي، إن النفس البشرية تتأثر بالزمان والمكان والألوان تأثرا ملحوظا ، فانظر إلى نفوس البشر هذه الأيام ، وراقب شعورهم ، وتأمل حالهم مع الربيع تدرك حقيقة ماذكرت ، ولاتعجبوا أن اللون الأخضر هو أكثر لون ذكر في القرآن الكريم فسبحان من عرف أسراره ! ، والجنة الموهوبة فضلا وتكرما من الله لعباده المسلمين هي خضراء اللون فيها مالايخطر ببال بشر . إن الربيع آية من آيات الله ، ونعمة من الله على خلقه ، فهل يبادلوا هذه النعمة حمدا وشكرا وذكرا؟ ، فنعم الله على خلقه تترى ، فلك الحمد ياألله على جميل ماصنعت ! ، وجميل ما أنزلت ! ، وجميل ما أنبت ! ، ومن ذلك الجميل تصديع في الأرض الموسومة مطرا ، يختبيء فيها كمأ من من ، مأؤها شفاء للعين ، لها طعم خاص ، ونكهة كيف ، لمن يملك الكيف ويعشقه ، فيتسابق الناس لاقتناصه ، بمحافيره الخاصة ، وجلبه لسوقه الحي الحيوي ، إذ الطلب عليه كثير ، والمال بحضرته رخيص ، وقانون العرض والطلب لايليق به ، فهو غال ثمين لذيذ منعش ، فهذا شار للهدية ، وذاك شار لطهيه في طلعة برية ، وآخر شار لفكرة علاجية ، السوق مزدحم ، والناس تتبادل الأخبار في شأنه ، الزبيدي هذا أين موقعه ؟ فتساق الإجابة دبلوماسية ، شهباوية ! ، إذ بحضرة السوق يتبخر الصدق أحيانا ! ، خاصة إذا كانت البضاعة نادرة ، ومحتكرة ، وثمينة ، عجبا لهذه الثمرة المدعوة بالزبيدي ( الفقع ) في كينونتها ، وزمن نبتها فلا بد أن يكون سقاؤها وسم المطر المبشر ، وكذلك أمكنة التقاطها فهي أماكن خاصة يعرفها أبناء البلد من قديم زمن ، فيعدون لها سبعين ليلة من أول غيث وسمي منهمر ، ومن تلك الأماكن محافظة حفر الباطن ، التي تعتبر مضرب مثل في الربيع عامة ، وفي ثمرة الزبيدي خاصة ، فلاتعجبوا أن تم احتفال في عام سابق وأطلق عليها لقب عاصمة الربيع ، وهاهو الربيع يجدد اللقب هذا العام ، فلك الحمد ياألله ، على وافر نعمك حمدا يليق بك ، ولك الحب يامدينتنا ، فحبك حفر في باطننا ، فأنت حفر الباطن حبا وتقديرا وأنسا وبساطة وسعادة ، فجملك الله بكل خير ، وازدانت أرضك بربيع ساحر جمالا ، حولا بعد حول تتابعا ، ورزق أهلك الأنس والتآلف والمحبة والحيوية والتعايش اللذيذ فوق أديم أرضك وجميع بلاد المسلمين .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *