فلاش يومض ألـمـاً !.


فلاش يومض ألـمـاً !.



للكاتب : علي بن سعد الفريدي

نسير في الحياة وفق قدر الله ، صابرين على كل بلاء ، شاكرين على كل نعماء ، فمنهج المؤمن الموقن برجوعه إلى ربه سبحانه ، هو الإيمان والثبات والتصبر عند كل بلاء وابتلاء ، إذ أن سنة الابتلاء ماضية ، يختار الله لها أمثل عباده ، إلا أنه في زمننا المتأخر ، وبعد أن علم الله الإنسان مالم يعلم ، فاخترع أجهزة تقنية في مجالات الحياة كلها ، لينتفع بعضنا من نتاج بعضنا ، نرى سلوكيات غير لائقة من البعض في استخدام تلك التقنيات بمايثير القلق ، والاكتئاب ، والفزع ، وزرع الألم في نفوس زجاجية المشاعر ، آمنة النفس ، هادئة الضمير ، بأسلوب جاف ذي وقاحة ، من ذلك التهافت على حوادث السير المؤلمة في الطرقات لالتقاط صورها ، وبثها في برامج التواصل الاجتماعي ، وإعادة تدويرها لتصل لأقصى عدد مراد ! ، فكم من فلاش يومض على بلاء موثقا له ، تخلى عن المعاني الإنسانية ، والمسؤولية الواعية ، والقيم الإسلامية الواجبة ! . إن بعض الفلاشات التصويرية لا أحاسيس لها ولاشعور ، ولاغرابة في ذلك فهي جماد لاروح لها ، لكن الغرابة والعجب فيمن وراء ذلك الفلاش ، أين ذهبت مشاعره وأحاسيسه ؟ ! وأين قيمه الواجب حضورها المستدعاة في هذا الموقف ؟ ! فبدلا من أن يسعف ويطمئن ، و يكون حضور خير إيجابي ، إذ به يكون مجرد ناقل خبر شر سلبي فقط ، يزرع الألم ببذر تلك الفلاشات المومضة من أصبعه الجاهل ، ويسقيها من لعاب كلماته الممجوجة تعليقا عليها بعيدا عن المصداقية والتهدئة والتثبت والستر والأناة ، إن السلبية في استخدام التقنية ، انحدار وعي ، وسوء سلوك ، وقلة توفيق ، وانعدام بركة ، وتعكير حياة ، وغياب مثل ، وسوء مصير ، وظلمة ضمير، وجفاف شعور ، وإشاعة فحش . إنني أنادي في أحرفي هذه كل من يندى جبينه رجولة ؛ انتهاجا للقيم وأصالتها ، في أن يكونوا شريفي السلوك ، يعتمد عليهم بعد الله في دفع شر وشرور أخرى ، فهذا يسعف إن كان ماهرا ، وهذا يبلغ جهات الاختصاص ، وذاك يطمئن المصابين ، وآخر يستر العورات ، وهذا يؤمن الروعات ، وآخر ينبه مارة الطريق بأنوار سيارته كلها ، و فاضل يلقن الشهادة من تحتضر روحه ، وآخرين يكونون حراسا لمتاعات المبتلين وأغراضهم ؛ لئلا تسرق ، حتى يتم استلام الموقع من قبل الجهات المعنية المختصة ، إن حوادث السير عامة هي مواطن فحص لقيمك ، ولمشاعرك ، وأخلاقياتك ، فهل تكون على قدر الحدث ؟ وإلا واصل رحلتك ، وانتبه لطريقك ، فالقدر لايعلمه إلا الله ، وبذل أسباب السلامة واجب ، فاحترز لدربك من قبل أن تومض عليك فلاشات من أصابع شريرة ، همها السبق التصويري ولو كان على حساب الكرامة والألم والمبادئ . إنني أقف متسائلا بصمت ، ماشعور هؤلاء ؟ عندما يرون جثثا متناثرة على جنبات الطرق ، دماؤها لها سريب ، ولحوم بعضها اصطلت بنار قابسة أزكمت الأنوف رائحة شوائها ، وأخرى لحفت بعض متاعها بعد أن بردت أجسادها بخروج أرواحها ، ألا تستحي عدسات أعينهم فتغمض حياء وخجلا مما تفعله عدسات آلات تصويرهم ! ، ، إنهم بصنيعهم هذا يولدون من الشر شرورا أخرى ، لذا فهذا نداء لهؤلاء ملؤه الرحمة والإخاء والمنهجية القيمية ، والمسؤولية التوعوية ، أن أميتوا الشر بعدم تصويره ونشره ، واتركوا الناس وابتلاءتهم ، واقصروا عمر الشر لئلا يطول في ذاكرة أهله ، واجعلوا بصمات أصابعكم خيرة نيرة ، تنشر المفيد السديد ، لتفيد وتستفيد ، واسألوا الله العافية لكم ولهم ، فالبلاء موكل بالمنطق والسلوك ، والسلوك القيمي المؤدب جميل في الحياة في كل حادث ابتلاء مقدر ، فهيا إلى امتثاله بعيدا عن ومضة فلاش خائن .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *