«تجميد» مبادرة السلام وخفض موازنة الأمم المتحدة بضغط أميركي


«تجميد» مبادرة السلام وخفض موازنة الأمم المتحدة بضغط أميركي



أعلنت الولايات المتحدة أمس خفضاً في موازنة الأمم المتحدة، في ما بدا تنفيذاً لتهديدات أطلقتها على هامش تصويت الجمعية العامة لمصلحة قرار في شأن القدس، في وقت تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن تجميد مبادرة السلام التي كانت تعدها إدارة الرئيس دونالد ترامب، ما ردت عليه السلطة الفلسطينية ضمناً بتأكيد سعيها إلى نيل العضوية الكاملة للأمم المتحدة، وتكرار الربط بين «السلام في المنطقة ودولة فلسطينية عاصمتها القدس».

وكانت الجمعية العامة تبنت موازنة بلغت 5.396 بليون دولار لعامي 2018-2019، ما يشكل خفضاً بسيطاً عن تلك التي كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يسعى إلى الحصول عليها وتقدر بـ5.4 بليون. وبدا لافتاً إشادة السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي بالخطوة التي اعتبرتها «في الاتجاه الصحيح».

والولايات المتحدة المساهم الأكبر في موازنة الأمم المتحدة، إذ تؤمن 22 في المئة من الموازنة الأساسية. ورأت هايلي في بيان أن «عدم الفاعلية والزيادة في الإنفاق» في المنظمة الدولية أمران معروفان.

واعتبرت أن النقاشات عن الموازنة أثمرت «نجاحات عدة»، منها اقتطاعات مالية وخفض في «وظائف الإدارة والدعم المنتفخ». وقالت: «لن نسمح بعد الآن باستغلال سخاء الشعب الأميركي أو أن يبقى من دون تدقيق».

وأضافت: «هذا الخفض التاريخي في الإنفاق، إضافة إلى العديد من التحركات الأخرى نحو أمم متحدة أكثر فاعلية وخضوعاً للمساءلة، هو خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح». وزادت: «في حين أننا سعداء بنتيجة مفاوضات العام الحالي، تستطيعون أن تكونوا على يقين بأننا سنستمر في البحث عن طرق لزيادة فاعلية الأمم المتحدة بينما نحمي مصالحنا».

إلى ذلك، نقلت القناة الثانية الإسرائيلية عن مسؤولين في البيت الأبيض تأكيدهم أن ترامب قرر تأجيل تحريك مبادرته لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في أعقاب التحرك الديبلوماسي الفلسطيني في المحافل الدولية في شأن القدس. وأشار المسؤولون إلى إن ترامب «تراجع عن تقديم خطة سلام، وأنه لا يوجد صفقة قرن». ووصفت القناة العبرية التصريح بأنه «ليس إغلاق الباب فقط في وجه أي صفقة سلام، وإنما رمى المفتاح أيضاً».

ورأت أن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو حصل على جائزتين، الأولى إعلان القدس «عاصمة إسرائيل»، والثانية ضمان بقائه في السلطة. وأضافت: الآن نتانياهو تخلص من قضيتين، وحصل على كل شيء مجاناً من دون أن يدفع أي ثمن للإدارة الأميركية ولا للفلسطينيين ولا للعرب.

 

الحمدالله

في المقابل، شدد رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله في احتفال في مدينة بيت لحم على أنه «لا يمكن أي قرار أن يغير من وضع ومكانة القدس الروحية والدينية والوطنية، فهي مدينة فلسطينية عربية إسلامية مسيحية، ولا يمكن أن تكون هناك دولة فلسطينية من دون أن تكون القدس عاصمة لها، ومن دون ذلك لن يكون هناك سلام في المنطقة أو في العالم». واعتبر أن تصويت الأمم المتحدة في شأن القدس «يعطي قضيتنا المزيد من القوة والعنفوان، ويمد شعبنا بالثبات والعزيمة والإصرار».

من جانبه، أعلن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي على هامش محادثات أجراها مساء الأحد مع نظيره المالطي كارميلو ابيلا، أن فلسطين «ستسعى إلى نيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة»، معولاً على دعم المجتمع الدولي. وأشار إلى أن تمرير قرار القدس «يُعد انتصاراً كبيراً لفلسطين وفشلاً ذريعاً للولايات المتحدة وسياستها المنحازة في شكل واضح لإسرائيل القوة القائمة بالاحتلال». وأكد أهمية اعتراف أوروبا بالدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين، ودعم البرلمانات الأوروبية في تكريس الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لافتاً إلى أن استمرار التوسع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية «سيبقى دائماً عقبة في طريق المفاوضات والسلام والوصول إلى حل نهائي».

في غضون ذلك، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نظيره الأميركي إلى التراجع عن اعتبار القدس «عاصمة لإسرائيل». وقال في كلمة ألقاها أمام البرلمان السوداني مساء الأحد: «السيد ترامب، إن ما عليك القيام به الآن، هو وضع رأسك بين كفي يديك، والتفكير في الخطأ الذي ارتكبته». وأشار إلى أن «الولايات المتحدة أعلنت القدس عاصمة لإسرائيل، ولو كان ثمن ذلك إلقاء المنطقة برمتها في النار». وتساءل: «هل استشار (ترامب) أحداً؟ لقد قرر ذلك بنفسه، ألم يكن الأجدى به أن يستشير الدول الإسلامية أو العالم المسيحي على الأقل قبل إقدامه على هذا الفعل؟»

من جهة أخرى، وقع المشاركون في «مؤتمر تحديات مكافحة الإرهاب والتعاون الإقليمي»، الذي استضافته العاصمة الباكستانية إسلام آباد، بياناً مشتركاً أكد بطلان قرار ترامب في شأن القدس. وأكد المشاركون في المؤتمر، الذي ضم رؤساء برلمانات 6 دول إقليمية (تركيا وباكستان وأفغانستان وروسيا والصين وإيران)، أن قرار واشنطن «باطل»، وجددوا التزامهم تحقيق السلام في الشرق الأوسط بما يتوافق مع القوانين الدولية.

 

البابا فرنسيس لحوار على قاعدة الدولتين … وسلام وتعايش في الأرض «الجريحة»

 

الفاتيكان – أ ف ب – حض بابا الفاتيكان فرنسيس على السلام «في القدس وجميع الأراضي المقدسة»، في رسالة الميلاد التقليدية «إلى المدينة والعالم» التي وجهها من ساحة القديس بطرس.

وعبر البابا عن أمله «بأن تسود رغبة استئناف الحوار من أجل التوصل إلى حل متفاوض عليه يتيح التعايش السلمي بين دولتين». وأشاد أيضاً بجهود المجموعة الدولية الهادفة إلى مساعدة «هذه الأرض الجريحة في إيجاد الوئام والعدالة والأمن الذي تنشده منذ فترة طويلة». وأضاف: «نرى يسوع المسيح في أطفال الشرق الأوسط الذين لا يزالون يتألمون بسبب تفاقم التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين».

وكان البابا شدد عقب قرار الرئيس دونالد ترامب مطلع الشهر الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، على «احترام الوضع القائم» في القدس بما يتوافق مع قرارات الأمم المتحدة. وأثار القرار الأميركي استياء كبيراً وتظاهرات متواصلة للفلسطينيين، وتوترات طغت على أجواء عيد الميلاد.

 


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *