هدنة
في تلك المرحلة التي تسبق الانهزام ” باستسلام ” أنت لا تريد أن تواجه خساراتك .. وليس بوسعك تحمل المزيد من انهياراتك ، ستحتاج حتمًا إلى هدنة ..
هدنة :
مع صراعات نفسك الداخلية وضجيجها المتوالف من مشاعر مختلطة، وكومة التناقض المترسبة فيها، فهي التوّاقة الآنفة ، الأمّارة اللوّامة، المسارعة المتكاسلة، المتوقدة المنطفئة، الطموحة المتخاذلة، ….
حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الأسود من هذا المزيج المشوِّش والتضاد المرهق ..
هدنة:
مع ظروفك المستعصية، وأحوالك المتقلبة .. فليس بوسعك المقاومة أكثر .. ورفع راية البياض المؤقتة سيكون أقل الخيارات ضررًا في تلك العتمة..
هدنة:
مع مشاعرك المتخبّطة ( المتخربطة ) لـ تهذّبها وترتبها صفًا صفًا، تفصل تشابكها المُربك، تضع كلّ شعور على حدةٍ في معزلٍ عن شعور ٍ آخر ..
وتلثم فيها أصوات الأحاسيس كي لا تُشعل فتيل أي عاطفة فيك..
تتجنب النقاشات الداخلية المتحفزة دائما لإثارتك ..
تفصل هَوجك عن ضميرك لتطفئ استعارهما ..
تضع أحلامك على وسائد التأجيل..
وتَسِم كلّ انشغالاتك بعدم التفرغ!
إلا الخيبات فلستُ بحاجة إلى مهادنتها ..!!
فمنذ زمنٍ ليس بالقريب .. انهدّت في داخلي كلّ علامات التعجب!!وسقطت الواحدة تلو الأخرى ..
أصبحتُ أتقبّل الآخر بكلّ خيباته المتوقعة قبل شخصه الحاضر..
” متاحة جدًا لأيّ خيبةٍ الآن “
و كلّ العلاقات عندي تسير على خط واحد و باتجاه واحد ..
تصالحتُ مع كلّ “من وما” حولي .. لم أعُد أجادل ولا أعترض، لا أتحدث ولا أستمع ، لا أحبّ ولا أكره، لا أغضب ولا أحزن ..
لا أبكي.. لا أضحك.. لا أذهب ..لا أعود …
أهشّ عن حواسّي كلّ ما يُحس .. وأطفئ في عقلي مكائن التفكير ..
قابعة حيث قلبي المنكفئ، عالقة في عقلي المغلق ..
لا أتجاوز مخدعي وصمتي ..
أما الحياة فهُدنتي طويلة معها : سأكتفي منها الآن بهذه المرحلة.. وسأتوقف عن كلّ المحاولات والمناورات..
لا أريد المنافسة ولا المواجهة ولا مراحلها الأخرى ..
أريد أن أستعيد منها روحي، روحي فقط ..
لعلي أعود ..