” اما بعد فقد اشتد البرد”


” اما بعد فقد اشتد البرد”


صاحب الانخفاض المفاجئ الشديد لدرجات الحرارة في بعض مناطق المملكة العربية السعودية بعد موجة البرد الشديدة تساقط الثلوج على المنطقة الشمالية منها فاشتد البرد و زادت قفقفة الشتاء وبدأت ولولة المتجمدين – أناأولهم – واستُطردت قوافي الشعراء و العاشقين ، يطوف ارتجافهم حول فاكهة الشتاء المتقدة .
منهم من يصور لحظاته ويحكي عن مشبّاته ومن يتغنى ” بدلاله” وقهوته في كشتاته ” ومنهم من يبكي قلبه ويحكي فقده ويرثي غائبه ، ونحن بين هؤلاء وأولئك تجمعنا مائدة البرد وأقداح الدفء نقرأ هنا ونكتب هناك ، نتأمل حيناً ونصوّر أحيانا و لا يخلو الأمر من متعة واستمتاع ودفء واستدفاء بين صمت وكثير شكوى .

ولكن دعونا لا ننسى ونحن في غمرة الاستكنان أمرين مهمين كي لا يأخذنا النعيم عن النعيم وتضل بنا الغفلة عن البصيرة .
فهناك أولاً – إخوة لنا اجتمع عليهم البرد والفقر وارتعدت قلوبهم قبل أجسادهم . يرجفُ بهم العَوز ويجمدهم صِرُّ العفة والكبرياء .
فليس يُغنينا ضَنين إنفاقنا إن كان سيغنيهم عن ذل الحاجة وانكسار المسألة .
فلنبادر بالسؤال عنهم وتفقدهم وحاجاتهم فربما كانوا أقرباء أو أصدقاء جيراناً أو خلاناً .
نتفقد ، نتصدق ، نهدي ، نعطي ، فوجوه الخير كثيرة والعطاء جميل بكل أساليبه الكريمة – التي لا منّا فيها ولا أذى-

قال الشاعر :
تَستّر بالسخاء فكل عيبٍ
يُغطيه كما قيل السخاء

– ثم بعد ذلك لنرمي بـ بؤرِ البصيرة إلى ما وراء أفق الأجل حيث الجنة والنار لظاها وزمهريرها لنجعل من هذه القَريس تذكرة للآخرة فنتعوذ من زمهرير النار ونعتبر ، وندرك عظيم نعم الله علينا حين أعطانا قبل أن نطلبه ووهبنا قبل أن نستوهبه شمساً وناراً وكهرباء يغشانا الدفء قبل أن تظفر بنا صقعة الشتاء ”
قال تعالى : ” أفرأيتم النار التي تورون* أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون * نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين”


3 pings

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *