“دعونا نختلف”


“دعونا نختلف”


خلقنا الله تعالى مختلفين متباينين تختلف أشكالنا وتتمايز صفاتنا فجعل جلّ وعلا لكل منا خاصّته من صفات خَلقية وخُلقية ، فاختلفنا في الأجساد والألوان والأحجام واللغات وتنوعت فينا الميول والاهتمامات وتغايرت أساليبنا الحياتية والطِباعية ، فلسنا نجد لأيٍ منا نسخة مكررة في كل شيء ، وإن وجد التشابه أحيانا في بعض الصفات الخلقية والهيئة الجسدية أو بعض الصفات الأخلاقية والسمات السلوكية فهذا التشابه لا يصل لدرجة التطابق الكلي في أغلب الأحوال .
فإذا كانت سنة الله فينا أن خلقنا بهذا الاختلاف الفطري فلماذا ينبغي علينا أن نتشابه فيما عداه من الأمور الأخرى كـالآراء والمعتقدات وطرق التفكير ووجهات النظر ؟!
فبما أننا قد سلمنا بحتمية اختلافنا في كل ما ذكر آنفاً فعلينا إذن أن نتقبل اختلافنا أيضا في طريقة فهمنا للحياة ومنهجية العيش فيها ، واختلافنا في كيفية رؤية الأمور والحكم عليها ما يسوغ أيضاً أن تختلف ردود أفعالنا في كثير من المواقف والتصرفات .
أي أنه ليس من المنطقي أن تتوافق دائماً طريقة تفكيرنا ، بل من الطبيعي تباينها وتفاوتها ومن الصحي تبعاً لذلك أن تختلف استنتاجاتنا وآراؤنا أو تتناقض وتتصادم .
إذن دعونا نختلف !
فقد قال تعالى في محكم كتابه : ” ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ”
ولكن دعونا أيضاً نتعلم أدب الخلاف وكيف نتقبل الرأي الآخر وإن لم ننسجم معه ، وكيف نوسع أفق التفكير لدينا لننظر من زوايا جديدة باتجاهات عديدة ، ونتجول قليلاً في عقول الآخرين وفكرهم وننظر من بؤر الرؤى لديهم فلربما رأينا إبداعاً وجمالاً .
والمحصلة بعد ذلك أنه لن يخلو هذا الفكر المختلف إن لم يكن – خلافياً مطلقاً – من كونه فكراً نظيراً داعماً أو إبداعياً خلاقّاً مثرياً ،
فما توافق معنا وصب في مسارنا سيدعم منظورنا وحجتنا و رؤانا وآراءنا ، وما اختلف عنا وعن أفكارنا سيخلق مجالاً آخر للتفكير ويثري لدينا أساليب التأمل والاستكشاف . وما كان سوى ذلك وليس فيه مظنة للضرر علينا فلنسرح دربه دون أن نلقي له بالاً أو اهتماماً .

إذن فبغالب الأحوال لن نُعدم الفائدة إن تجردنا من حظوظ أنفسنا وتعصبنا لآراءنا وأنصتنا بإمعان .
لنقرأهم ونفكر معهم ، لنصمت وننصت لهم .
و “لنختلف ” لكن بلا خِلاف .


2 pings

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *