طبيعة النفس البشرية بين الخير والشر


طبيعة النفس البشرية بين الخير والشر


 

في حياتنا نمر أحياناً بمواقف قد لا تمرنا بسهولة أبداً ، بل تثير فينا الدهشة و تقودنا لتساؤلات وفضول , منها ما يجلب العجب وبعض العجب يرسخ في الذاكرة فيحرك فينا التفكر بين حين وحين خاصة إذا مررنا بمواقف مشابهة أو عبرنا أشخاصاً مماثلين .
ومن ذلك تلك المواقف العظيمة للخيّرين في هذه الأمة وكيف تؤثر في نفوسنا وربما في سلوكنا وتوسع دائرة الظن الحسن والفأل الجميل في بقاء الخير الجزيل العميم في أمتنا .
أجد أحياناً من يفعل الخير بشكل لا متناهي من العطاء والكرم والتضحية والإيثار والتجرد تماما من حظوظ النفس والأنانية ما يملؤني إعجاباً وتعجبا و سعادة وفخراً . ويبعث في نفسي التساؤل كم هو الخير الذي يحمله هذا القلب بين ثناياه ؟
وعلى ضفة النقيض تماماً أرى هناك من يتجرد من كل معاني الرحمة ويتجرأ في فعل الشر بمستوى عالي من الدناءة والخبث والمكر ما يجعل إبليس بذاته متحيراً فاغراً فاه ..!

.

وما يثير فينا التفكر أيضاً والتساؤل .. من أين له كل هذا الشر ؟
كل ذلك كان سببا لأن أقرأ في طبيعة النفس البشرية و الأصل فيها بين الخير والشر .
ووجدت أنها مسألة كان الخوض فيها مشتركاً بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي بكافة أطيافه
وقد وقفت على مقال للأستاذ عبد الرحمن بن سعد الكشي وضح فيها اختلاف أراء العلماء وبعض فلاسفة الغرب في ذلك
وخلصت بعد قراءتي أنهم على ثلاثة نظريات :

.
أولاً : نظرية تقول أن الإنسان شرير بطبعه والخير طارئ عليه
وممن يميل إلى هذا الرأي الكنيسة المسيحية بعمومها، وبعض الفلاسفة

.
ثانيا : نظرية ترى أن الإنسان في طبيعته محايد بين الخير والشر
ويولد صفحة بيضاء خالياً من عناصر الخير والشر وهذا الرأي أيضاً لبعض الفلاسفة
وقال به بعض المسلمين وفسروا الفطرة في الأدلة بالحنيفية وفسروا الحنيفية بمعرفة الربوبية وحق الألوهية واستدلوا بأدلة كثير منها قوله تعالى : (ونفسٍ وما سواها فألهمها فجورها وتقواها )
وقالوا التسوية بمعني الحياد والإنسان يختار بإرادته الفجور أو التقوى

.
ثالثاً : أن أصل طبيعة الإنسان هو الخير وقد فصّل في هذه النظرية الشيخ جعفر شيخ إدريس طبيعة الإنسان من وجهة نظر إسلامية مقنعة في بحث مقدم إلى المؤتمر العالمي الأول للتعليم الإسلامي، مكة المكرمة، 12 ربيع الثاني 1397 هـ – الموافق 2 أبريل 1977 م فقال :
” نخلص من كل هذا إلى أن الرأي الصواب هو الرأي الثالث القائل بأن الإنسان ذو فطرة خيرة وأن الشر أمر طارئ عليه ومجاف لفطرته. هذا هو الرأي الموافق للواقع الذي نعرفه، والمؤدي إلى نتائج مقبولة، وهو الأمر الذي يقول به الدين الحق كما سنبين بعد. ” ثم وضح ذلك بالتفصيل المقرون بالأدلة وشرح الاستدلال .
ومن أراد الاستزادة فهناك بحوث منشورة تطرقت إلى ذلك بكثير من الإيضاح والتفصيل .


1 ping

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *