“صوت ثمين يبحث عن أمين”


“صوت ثمين يبحث عن أمين”


علي بن سعد الفريدي
علي بن سعد الفريدي
   
كاتب صحفي - مهتم باللسانيات وآدابها

إقرأ المزيد
خطوات إلى الصحراء
عمار يادار .
عيد في زمن كورونا
رحلة إلى لقاح
زمان ينجب أبطالا .
التفاصيل

أيام قلائل وتبدأ الانتخابات البلدية في المملكة العربية السعودية ، فهاهي مقار الانتخاب قد هيأت، وهاهم المرشحون يقدمون خطوة ويؤخرون أخرى ، استخارة في ترشحهم واستشارة ، بل هاهم الناخبون يسجلون معلوماتهم التعريفية الشخصية في تلك المقار المعتمدة تحقيقا لمصلحة الوطن والمواطن ، وفق آلية منظمة ، شعارها الدقة والأمانة ؛ إذ إن ثقافة الانتخاب تتطلب ذلك ، إلا أنه من خلال نظرة تأملية في دورتين انتخابيتين سابقتين ، ظهر للعيان فيها فوح العنصرية الطاغي ، والذي تسيد الموقف بكل وضوح وجلاء ، أدرك ذلك كل من تصادق مع ضميره ، واستنطق وعيه ، وتأمل بفكر هادئ ، ونطق بالحقيقة ، إلا أن العنصرية المتأملة تعددت أنواعها حسب الثقافة السائدة في كل بيئة اجتماعية ، حيث تنوعت مابين عنصرية قبلية وفكرية ومناطقية ومذهبية ، والخاسر في ذلك هو الوطن والمواطن . إن الخطأ يستفاد منه أحيانا بأن ننطلق منه للصواب ، خاصة والآلية الجديدة للدورة الثالثة الحالية تنص على رفض التعنصر بشتى أنواعه ، وترفض الشعارات أيا كان منهجها سوى شعار الانتخاب المعتمد في وزارة الشؤون البلدية والقروية لعملية الانتخاب، كما تمنع إبراز صور المرشحين والمرشحات في الدعايات الإعلانية للعملية الانتخابية في الطرقات والأماكن العامة ، وهذا أمر يبشر بخير ؛ لكي نصل للهدف المرجو ، والغاية المنشودة من العملية الانتخابية ، وبما أننا قد قطعنا تجربة انتخابية فيها نضوج إلى حد ما ، ندرك تماما وبيقين ، أن الانتخاب الإيجابي هو أمانة صوت ، يترشح من خلالها نخبة بشرية تقوم بمسؤولياتها المناطة بها على وجه التمام والكمال ، ناطقة بمتطلبات البيئة المجتمعية للجهة المسؤولة ، عارضة الحلول لمشكلات الحياة المجتمعية ، الماضوية والمعايشة والمستقبلية ، قادرة على عرض الرؤى التشخيصية والتطويرية لجهة القرار بكل كفاءة وإبداع ، وحيث إن شعار الانتخاب هو التطوير المستمر فيما يقبل التطوير ، فلابد أن نكون من أهله عند تصويتنا للنخبة المرشحة ، ومن هنا يكون لزاما علينا أن نقرأ في سير المرشحين ومؤهلاتهم ، وكفاءتهم ، ومدى قدرتهم للتطوير البلدي المراد ، مع تحليل برامجهم الانتخابية المعلنة ، ودراسة أفكارهم التطويرية الموعودة المراد تحقيقها في حال فوزهم . إن الشعار المتداول ( صوتك أمانة ) كلمة تعني لنا الكثير ، وستغير الكثير من واقعنا الاجتماعي البلدي إلى الأحسن لو علمنا فحواها ، وسرنا على ذلك تحقيقا وتطبيقا ، فترشيح الأكفأ والأجدر علامة وعي ، ودلالة نضج ، وسلوك تميز ، يظهر نتاجه بواقعية مع الزمن ؛ إذ الزمن فضاح لكل سلوك . إن المجتمعات البشرية تتطور إيجابيا مع الزمن ، في سلوكها ، وقيمها ، ومبادئها، وتفكيرها ، ووسائل عيشها ، وأدوات بناء حياتها، إن هي أرادت ؛ فالناس أعلم في أمور دنياهم تشخيصا وتحليلا وتطويرا ، فإتاحة الفرصة لتعبر عن صوتك بأمانة، وتنتخب مرشحك بهدوء ، هو جزء من الوعي الحياتي ، والأمانة السلوكية التي تجعل المسؤولية على كاهل الجميع ؛ حيث إن الانتخاب صنع قرار ، وعرض رؤى ، وتعاون مجتمع ، وتشجيع نخب ، وتطوير حياة ، وتقاسم مسؤولية ، وصناعة إبداع ، ونقل تجربة ، ونطق احتياج ، وبما أن الأمر كذلك ، فإنه إذا ضاعت الأمانة في الانتخاب ، أصبح قليل الفائدة ، محدود الفكر ، معدوم التطوير ، شكلي المنهج ، ضعيف النهج ، منخفض الإنتاجية ، صوري الحال ، كما أنه يحز في الخاطر أن يحجم عن العملية الانتخابية ذوو الخبرة والتأثير والتطوير، وأولو المؤهلات العلمية العالية ، والمهارات الإدارية الإبداعية، وأرباب الأمانة والنزاهة ، والسلوك الإيجابي المشهود ، لتتاح الفرصة لأناس هم أقل كفاءة في العمل ، وضعيفو إبداع في التفكير ، وعديمو قدرة على التطوير ، سوى تكاتف من حولهم في ترشيحهم نظير أكلة دسمت شواربهم ، وحلوى دهنت حلوقهم ، ووجبة أخرى أدسم شأنا ، وأحلى طعما ، وعدها مرشحهم بها في حال فوزه في مستقبل زمن ، فياليت البشر يعلمون أن نجاح الانتخاب البلدي لاصلة له في عالم البطون إطلاقا ، بل هو صوت ثمين يبحث عن أمين ، وأمين يبحث عن صوت ثمين ، وأخيرا أهمس بقوله تعالى : ( إن خير من استأجرت القوي الأمين ) ، وبثنائية قول آخر ، أهمس بقول الشاعر :

والناس للناس من بدو ومن حضر / بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم

فإلى الأمام نحو عملية انتخابية نزيهة نتباشر في صبيحتها بفوز الأمناء الأقوياء القادرين بعد الله على تحقيق مصلحة وطنهم ومواطنيهم من غير استثناء لأحد أو تحديد ، مع دعائي للجميع بالتوفيق والسداد ناخبين ومرشحين ، والخيرة فيما يختاره الله ، فهيا إلى الأمانة ياخيرون .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *