تقنية فضاحة


تقنية فضاحة


علي بن سعد الفريدي
علي بن سعد الفريدي
   
كاتب صحفي - مهتم باللسانيات وآدابها

إقرأ المزيد
خطوات إلى الصحراء
عمار يادار .
عيد في زمن كورونا
رحلة إلى لقاح
زمان ينجب أبطالا .
التفاصيل

مع الانفتاح الفضائي ، والعولمة التقنية ، وتهامل الفضاء الإلكتروني ببرامجه وتطبيقاته ، يدرك العاقل السوي أنه من الواجب الملزم ، والسلوك الأمثل ، على كل من يملك تقنية لازمة في عملها أو متعدية أن يحسن استخدامها ، ويرشد استعمالها ، ويتحسس أثرها وتأثيرها ولو بعد حين .

إن التقنية اليوم باتت جاسوساً فضاحاً للبشر ، وعين شر على كل مستور واجبه الستر ، وفلاش مؤذ يلاحق البشر بجنسيه حيثما كانوا ، حتى إنك لربما قلت يقينا : لايوجد كائن بشري في مكان إلا وهو كاميرا توثيقية ، أو مراسل لشركة أجنبية بشعور أو بدون شعور ما دام جواله الكفي ملازماً له مستخدماً له ، فالشركة الأم في إحدى قارات شبه الكرة الأرضية الست ، والتطبيقات المبتكرة في يدي كل واحد منا عبر جواله الكفي المحمول ، والاستعمال غير الرشيد عبر أصابعنا ذات العجلة في حب الاستطلاع والمكاشفة والمغامرة على أشده .

فمن يصدق أن بصمات أصابعنا الدقيقة بشعيراتها الدموية الرقيقة قد وثقت بأسمائنا وصورنا في الشركات الأجنبية العالمية ؟ ! ، ومن يدرك أن كل صورة تلتقط هي في مرأى ذوي الشركات تلك ؟! ، على هيئتها الملتقطة في حسابك الإلكتروني الموثق لديهم من هاتفك الكفي المحمول ، ومن يحس في عجلة التقنية المتسارعة ؟ ! أن جوالك مادام محمولا معك وتفك شيفرته ببصمات أصبعك فأنت تسجل خريطة رحلتك المكانية والزمانية بأحداثها كل يوم وربما شهر وربما سنة كاملة بتوقيع منك عبر بصمة يدوية في خطوط لو رأيتها لتعجبت من عقول تقنية فريدة ابتكرت مثل هذه التطبيقات الذكية .

إن التقنية اليوم بتطبيقاتها وبرامجها التواصلية المجتمعية فضاء انفتح علينا، ونعمة كبيرة إن استخدمناها بإيجابية سلوك ، وحسن مقصد ، وجمال فكر وعمل ، وتطوير ذات ، كما هي أيضا نقمة ، وغباء تفكير ، وضعف مهارة ، وفضيحة حال ، إن استخدمت بسوء سلوك ، وسلبية مقصد .

إن التطبيقات الذكية عبر جوالاتنا الكفية المحمولة لها من اسمها نصيب ، وذكاؤها بدون إحساس أيضا ، فما تلتقطه حقيقة لاغبار عليها زماناً ومكاناً وحالاً ، فهي كمثل الصوت وصداه ، والبئر ورشاه ، وبما أنها ذكية فلنكن أذكياء في استعمالها ، حذرين مع فلاشاتها ، مدركين أثرها وتأثيرها مع حروفنا المبثوثة عبر أثيرها غير المتناهي ، فبعض الحروف حتوف ، ووراء العواطف عواصف غالبا ، وربما فلاش أومض ألماً .

إن التقنية عندما تكون ذكية ووراءها أصبع ذكي يغرف من فكر ذكي ، تصبح الحياة تتوقد ذكاء وزكاء ، أما إن كانت التقنية ذكية ووراءها أصبع غبي ، ويغرف من فكر غبي ، فعلى الحياة السلام .

فلا تلم كاميرا زر فلاشها بأصبعك ، وحروفا مؤلمة انبثقت من فكرك دفعها أصبع متعجل غير مؤدب ، فالعجلة من الشيطان ، والشيطان وأعوانه عدو الإنسان الأول .

همسـة : كم من حسنة جارية ، وسيئة كذلك أجرتها تقنية عابرة سائرة وصاحبها مكفوت في لحده ! ، فيا أيها التقنيون احذروا وحاذروا كل تطبيق سيء الاستخدام أثراً وتأثراً ، فليس كل صورة فلاشها نوراً ، وليس كل حروف نهايتها سرورا .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *