في مساء يوم آمن ، من أواخر شهر ( ذي الحجة ) السالف ، تتابعت رنات جهازي المحمول وأجهزة غيري برسائل فحواها قرارات وطنية اقتصادية ، كان منهجها التقشف والترشيد لأمور تصب في مصلحة الوطن ، أدركتها جهات الاختصاص المعنية فأعلنتها إقرارا وتنفيذا ، فتقبلها المجتمع ثقة تامة لاتنتهي تجاه وطن يستحق قبلة الاحترام والتقدير والوفاء ، لاسيما والعالم كله يهتز اقتصاديا لمن تأمل بهدوء ، مما يتطلب قرارات كهذه إلا أنه مما لفت النظر والفكر ، قرار يخص المعلمين بدراسة لائحة وظائفهم التعليمية بشكل شمولي يحقق رفع كفاءة الإنفاق والأداء ، وقد كلفت ثلاث وزارات معنية بهذه المهمة الترتيبية والتنظيمية في مدة لاتتجاوز تسعين يوما بقي منها شهر تقريبا حتى هذه اللحظات ، هنا بدأت فكرة القلق تشتعل عند معلمي الأجيال ، وصناع المستقبل ، وشموع العلم والتربية ؛ لكن الوفاء والأدب متجذر في دمائهم ، احتراما لبلد يستحق الاحترام والإخلاص والفداء والعطاء ؛ إذ النفوس تعيش بكرامة تحت شموخ ورفرفة علمه ، وتستظل أمنا بسيف عدله ، وتنعم بإيمان تحت صدق منبره .
.
واليوم اليوم ، كل المعلمين ينتظرون القرار الأخير المعني في ترتيب أمر رواتبهم بتفاؤلية حال ؛ ليبدأ الاستقرار المشاعري الوظيفي ، ويزول الانتظار التوتري المقلق ، فبعض الانتظار عذاب مشاعر ، وغربلة روح ، وإزعاج فكر ، خاصة والأمر يتعلق بسببية رزق ، ومنهجية عيش ، والتزامات حياة ، إنني هنا بهذا المقال العابر المعتبر كلي مناشدة ، وأملا ، وتفاؤلا ، في أن تكون نتيجة القرار الذي ستتوصل إليه الوزارات المعنية والمعتمد من جهة القرار المسؤولة بأفضل حال ، وإبداعية فكرة ، كما أنني بأعلى صوت مؤدب أناشد جهات القرار المعنية بالدراسة والآمرة بالتنفيذ بأن تراعي المعلمين في إيجابية حكمة ، وموضوعية نهج ؛ بالنظر لطبيعة عملهم ، ونقصان بعض الخدمات المستحقة غير المقدمة لهم ، كالتأمين الطبي لهم ولأسرهم مثلا ، وانعدام البدل السكني عنهم وصرفه لغيرهم من معلمي التعاقد الوافدين ! ، كما أن من المناشدة أيضا ، البعد كل البعد عن فكرة تجزئة الراتب لبدلات تحمل مسميات جديدة ، فهي في ذات الوقت ظلم في الحال وفي المآل ( التقاعد ).
.
إن اللجنة المعنية تدرك أبعاد الأمور وربما تعرف عن الوضع التعليمي أكثر من المعلمين أنفسهم ، لكن مما يهمس لها بأذنها الواعية أن عدم حصول جل المعلمين على درجاتهم المستحقة في مستواهم المستحق في سالف زمن ، وتثنيتها الآن بدراسة لائحتهم الوظيفية ، مما يخشى أن ينتج عن تلك الدراسة فكرة تخفيض الرواتب ، أو تحويلها لبدلات تنقطع في زمن الإجازات الدراسية ، فذلك أمر في غاية الصعوبة ؛ إذ إن اثنتان في رؤوس ذوي التعليم موجعة ! .
.
إن التفاؤل مطلب ، وإحسان الظن عبادة ، والحسد مرذول مرفوض ، والوفاء شيمة ، وتقدير المسؤولية معتبر ، والترشيد حكمة ، ورجل الدولة الأول حازم ، والقضاء عادل ، والمشورة شرع ، والتعاون رأي ، والرزق بيد الله سبحانه ، وماسواه سبب .
أيا لجاننا المعنية براتب المعلم ، كلكم قد رأى ويرى وضع المعلم من حين إشراقة الشمس إلى قبيل العصر ، ومعاناته مع أسرته وأولاده وطلابه ، وكلكم تلامذة شاهدون عن وضعه في كينونة زمنية سابقة . ألا يستحق أن يبذل للمعلم أجل التكريم وأوفى الإكرام ، أليس من الحكمة أن ينتبه لوقود السراج المنير ( المعلم ) ؟ ؛ حتى يعطي بدافعية أكثر من واجب مسؤولية ، ويزيد تدفقا بوفائية من واجب رد الوفاء لأهله .
لذا فكلنا أمل ، وكلنا رجاء ، وكلنا مناشدة ، وكلنا عيون تترقب ؛ رغبة في قرار حكيم ينظر للقضية من جميع أبعادها الحياتية ، قرار حكيم يتناقله المعلمون وذووهم على هيأة بشرى ، حينها لاتسأل عن سعادة ستستوطن صدور أكثر من نصف مليون معلم ومعلمة في بلد الكرامة والقداسة والحكمة ، يزرعون البذور بحسن نهج ، ويسقونها بأحسن منهج ، ويحصدها المجتمع أجمع بأفضل نتاج ونتيجة .