١٤٤١/٤/٢٢ هجرية.19/12/2019 ميلادية.
في إجازة نهاية الأسبوع ، انطلقنا بركابنا لقضاء اليومين تلك في ربوع الوطن من جهته الشرقية ، نستبصر مدن تلك الجهة وقراها ، ونستطلع تضاريسها ، ونتعرف على مناظرها ، ونشاهد عمرانها ، وبالفعل تحقق الهدف ، وحصل المقصود ، واستمتعت المشاعر بما رأت ، واستلذ الفكر بما شاهد ويشاهد ، واستطعم الذهن تلك الأوقات التي قضيناها في مسافة ٦٥٠ كيلو تقريبا .
كانت بداية الرحلة من ذيبية حفرالباطن مرورا بالطليعة ، وأم كداد ، ثم معرج السوبان ، ثم نقير والنقيرة ، ثم دخلنا وادي العجمان ويسمى وادي ( المياه )يمتد مسافة مائتي كيلو تقريبا ، بدأناه من السلمانية ، والنعيرية ، والكهفة ، ومليجة ، ونطاع ، وعتيق ، والحناه ، والمليحة ، إلى الحسي ،والصرار ، والزين ، والونان ، وأبو ميركة ، وشفية ، وهدية ، وحنيذ ، وعرج ، وأم ربيعة ، ومتالع ، وعريعرة ، وأم العراد ، ومغطي ، والهليسية ، وجودة ؛ وصولا إلى طريق الرياض – الدمام السريع . تضاريس تلك الأماكن شائقة شاقة تشد التأمل والتفكر والتذكر ، فالأرض لاتخلو من نفود تميل بياضا ، وربوات شاهقة ، وقور عالية ، وقعور ، وثبوج ، وسباخ .
والنبات والاستنبات الزراعي لاينقطع في تلك الأماكن . وإن كان النخل يشترك بين تلك الأماكن استزراعا . فالمكان تكثر فيه المزارع المملوكة المعمورة .
الأرض ممطورة في الأسبوع الفائت ، والماء المطري تشاهد عينته وغدرانه عن ضواحي الطريق ميمنة وميسرة ، والأرض مرتوية من غيث السماء ، لكن ربيعها لم ينهض بعد ، ربما أنها لم توسم قبل ، وربما أن زمن المربعانية ببرودته الشديدة أثر على القاع تأثيرا سلبيا ، فالنبات لم يرتفع عن البذرة كثيرا .
الإبل وأسواقها تكثر في تلك المدن والقرى ، بألوانها المتنوعة ، وضح ، وصفر ، وشعل ، ومجاهيم ، وحمر . ولها أسواق حية هناك خاصة في أم ربيعة .
لفت نظرنا إعجابا ، تنظيم السوق التراثي الشعبي في محافظة النعيرية بحسن تهيئته ، وجمال نظافته ، وجودة لوحاته ، ودقة ترقيم محلاته ، وروعة إلإشراف عليه ومراقبته .
كما أننا استفدنا أن سبب تسمية النعيرية بهذا الاسم ؛ نسبة إلى جبل النعير الذي يجاورها شمالا .
إضافة إلى أنها تجملت بلقب ( عروس الربيع ) رسميا ، فهي مقصد السياح والزوار والرحالة ، وذوي المكشات ، وفيها يقام مهرجان شتوي ثقافي ربيعي كل عام .
منظر القطار السريع استنطق ألسنتنا كلاما ، عندما رأيناه يجاورنا سيرا مارا النعيرية ، يجر عرباته على عجلاته ، منطلقا لغايته إلى المنطقة الشرقية .
التنقل بين ربوع الوطن ، والاستمتاع بجغرافيته ، وتضاريسه ، ومناخه ، وتأمل مدنه وقراه ، يضفي على الشعور سعادة ، ويضيف إلى الذهن معرفة وإفادة .
فكم من معلومة في مدينة أوقرية درسناها منهجيا في مدارسنا ، ثم وقفنا عليها مكانا . فترسخت المعلومة زمانا ، ومكانا ، وإنسانا .
كان القصيد الشعري والتأريخ الشعبي مشاركا لنا في رحلتنا ، لايفارقنا إذ كانت الرحلة برفقة الأديب الشهم : أ/ موسى بن سليمان آل بهلال القحطاني . وهو بحر في المعارف والأشعار والآداب والثقافات ، وربما ألمح لنا برمزية شعرية مقصودة باستمرار التنزه للصحاري والبراري ،والخروج من عوالم المدن ، وكسر روتين الحياة الممل. خاصة عندما يرفع صوته بقصيدة مختارة من حفظه الوفير الغزير كاختيار قصيدة الشاعر الكبير : عبدالله بن عون العتيبي .
ما أغبطك ياللي بالحضارة تلويت /
ياموالف الجدران ويش أنت لاقي
إن كنت بالحصن الحصين استكنيت /
وسويت مع بث القناة اتفاقي
إما من السكر شبعت وترويت /
وإلا بصرك أوشك على الاحتراقي
سج النفس واضرب دروب الخراريت /
لو ماتذوق مع الخلا ما يذاقي
ما ينطوي في غرفته بآخر البيت /
غير الذي راسه يبي له عراقي
وصدق الشاعر ، والراوي ، والكاتب وثق ذلك .
3 pings