حتى لا نكون أوصياء!


حتى لا نكون أوصياء!


.

يمكن تقبل سلطة المجتمع في ممارسة السيطرة على سلوك الأفراد المنتمين إليه بالوسائل التي تكفل تكيّفاً يتلاءم مع القواعد السلوكية السائدة فيه أو ما يسمى بالضبط الاجتماعي , ولكن ما لا يمكن تقبله أن يتم عكس الصورة من خلال فرض بعض الأفراد لرؤيتهم الخاصة باعتبارها نوعا من السلطة الاجتماعية المُلزِمة للبقية بتنفيذها ؛ مرددين عبارة : كلنا مع كذا أو كلنا ضد كذا ؛ بحجة أن المجتمع يريد ذلك !
متجاهلين حقيقة أن هذا المجتمع الذي يتحدثون باسمه يتشكل من أفراد مختلفين في طبائعهم وطرق معاشهم وبيئاتهم وثقافاتهم وموروثاتهم الحياتية والفكرية , وبالتالي لكل منهم احتياجاته الخاصة , وهذا الاختلاف لا يمكن إغفاله حتى بين أفراد الأسرة الواحدة فما بالك بأفراد يشكلون مجتمعا بكامله !
.

ومجتمعنا زاخر بأنواع التدخّلات الفردية فيما يُطرح من القضايا الاجتماعية التي تمس شرائح الأفراد ومتطلباتهم ، ومحاولة إيجاد منافذ لرفضه بإسقاطه على الدّين فإن لم يكن ؛ أُحيلَ لمخالفة العادات أو حتى بخلق اعتبارات واهية بانتهاكه للأخلاق أو السلوك العام .. ومن تلك القضايا على سبيل المثال لا الحصر : سفر المرأة واستخراجها لأوراقها الرسمية دون الحاجة لولى ، ومثل إغلاق المحلات التجارية أثناء الصلاة !
.

فلا يكتفي المتحدّثون باسم الجميع عن إعلان القبول أو الرفض ؛ بل يتجاوزونه لمحاولة جرّ أصحاب الرأي المعتدل الذين يلتزمون الحياد باتخاذ موقفٍ ؛ تطبيقا لمبدأ : إنْ لم تكن معي فأنت ضدي !! ولن نستغرب هذا الاعتداء على الحرية الفردية ممّن يرى أن له سلطةَ التحدّث بلسان الجميع .
.

لهؤلاء أقول : قد يكون هذا الأمر الذي تقف ضده – يا صحاب الوصاية – غير مهم بالنسبة إليك ، أو ليس له أي تأثير في حياتك ، لكنه قد يشكّل أهميةً قصوى للبعض الآخر ، بل قد يُحدث تحولاً كبيراً في حياتهم ؛ فإن كان هذا الأمر لا يمسُّك شخصياً ؛ فلا تقفْ عائقاً في وجه أبواب الحياة ؛ بتأليبِ الرأي العام على قضيةٍ قد يكون في عرْضِها فائدة كبيرة لمن يشاركك هذا الوطن ! ولستُ بصدد عرْضِ قضيةٍ معينةٍ أو طرْحِ وجهة نظرٍ خاصة ؛ لكنْ إيماناً بأنّ من حقِّ مَنْ نتشارَك معهُم في الانتماء الوطني أنْ يعرِضُوا قضاياهُم بكل أريحيةٍ وسلام ؛ لننعم جميعاً بحياةٍ أفضل في أرض الوطن الكبير المعطاء .


5 pings

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *