رمضانُ والقلوبُ تهفو إليك


رمضانُ والقلوبُ تهفو إليك


.

مرتْ الأيامُ سريعاً وها نحنُ في أولى صباحاتِ الشهرِ الفضيلِ تتعانقُ أرواحُنا مع نسماتِ الفجْرِ وتنتشي بروحانيّته .. أهلّ علينا رمضانُ ؛ ليعيدَ ترتيبَ حياتِنا وعلاقاتِنا ، وليكون فاصلةً سنويةً يُراجعُ فيها المسلمُ علاقتَهُ الخاصة مع ربّهِ ويغتنمَ أيامَ الشهرِ ولياليهِ بالأعمالِ الصالحةِ ، ويتداركَ ما بدَرَ من تقصيرٍ في عباداتِهِ أو علاقاتِهِ الاجتماعية ؛ ليُعاوِدَ رسمَ الموازنةِ بين حقوقِ أقاربهِ وبين مشاغِلِ الحياةِ ؛ فيصِلَ ما انقطعَ ويتفقّدَ مَنْ غفَل عن حاجتِهِ .

.

رمضانُ فرصةٌ لتصحيحِ الكثيرِ من العَثراتِ الأخلاقيةِ التي وقعْنا بها في الأيام الماضية ؛ فليس أقلّ من أنْ نكُفّ ألسنتَنا وأقلامَنا عن الوُقوعِ في أعراضِ الآخرين وتتبُّعِ نواياهُم وتصنيفِ علاقاتِهم الربّانية !! وهذا هو المعنى الحقيقي لرمضان : علاقاتٌ روحانيّة وسمُوٌّ أخلاقيٌّ ورُقيٌّ اجتماعيّ .
فما أجملَ أنْ يكونَ رمضانُ صفحةً خاليةً من كلّ ما يُلوّثُ الرّوحَ ويُعكّر صفوَ الحياة ! وفي مجتمعنا الذي تربّى على حُبّ الخيرِ والنشاطِ إليه ؛ فما أن يُقبل الشهرُ حتى يتسارعَ الناسُ إلى شراءِ المياهِ وتوزيعِها في المساجد أو المُساهمة في مدّ السُّفَر الرّمضانية لتفطيْر الصائِمينَ ، ومعَ ما في ذلك من الخير الكثير الذي تشرئِبُّ له الأعناقُ وتجودُ بهِ النفوسُ ؛ إلا أنّ الالتفاتَ لجارٍ مُتعفّفٍ أو قريبٍ مُحتاجٍ فيهِ جمْعٌ بين الأجرِ والصّلة ، وإرساءٌ لمبدأ التواصي الذي دعا الإسلامُ إليهِ .

.

ومن الموروثاتِ الجميلةِ التي وعيْنا عليها – وقلّصَها التطوّر السريع في الحياة إن لم يقضي عليها – عادةُ مشاركةِ الجيرانِ في طعام الإفطارِ بإرسالِ بعضِ الأصنافِ الشعبيةِ المُتعارَفِ عليها خلال الشهر الفضيل ، ولم يكن في ذلك أيّ تحرّجٍ أو شعُورٍ بالنقصِ بقدر ما كانتْ تحمِلُ التواصُلَ بين الجيران وزيادةَ الألفةِ والمحبة والاحتفاء بشهر الخير .

.

بهذه الأخلاق نستقبلُ الشهرَ بعيداً عن التزاحُم على شراء ما لذّ وطاب من الأطعمة – مما لا تحتاجه الأسرة حقاً – والتباهي بإعداد الأصناف المنوّعة ؛ لمقاصد التصوير وغيرها مما ابتُلينا فيهِ حديثاً ، وتضييعٍ لساعاتٍ ثمينةٍ كان الأولى أن تُصرف فيما يفيد !

.

ما أريدُ أن أقوله هنا ؛ إن رمضانَ فرصةٌ ثمينةٌ لتغييرِ تفاصيلنا اليومية التي اعتدنا عليها ، ونزْعِ روتينٍ تعلقنا بهِ ؛ لو أحسنّا الاحتفاءَ بهِ وعملنا بآدابِ الشهرِ الفضيلِ ؛ ليكون رمضانُ إشراقاً وصفاءً على حياتِنا ومحوّلاً أحوالنا نحو الأفضل ؛ حينها نقول حقاً : إنّ رمضان قد أحدث في حياتنا أثراً ملموساً .

.

.
ختاماً ، باركَ اللهُ لكم في رمضان وأحسنَ لكم به العمَلَ في خير وأكمل حال.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *