الكوميديا الناصرية وعقال البدو


الكوميديا الناصرية وعقال البدو


.

تابعنا حلقةَ “سيلفي” التي كانت عن الليبراليةِ ، وابتسمْنا واستمتعْنا وأضحَكنا ناصرٌ وفريقُ العمل ولكن ! بعد انتهاءِ الحلقةِ وضعناها على طاولةِ المُحاكمةِ الاجتماعيةِ واقتطعناها بمَشارطِ أقلامِنا البتّارة ، وأعدْنا فيها فهْمنا لها ؛ فما كانَ قبلَ قليلٍ مُضْحِكاً أصبحَ الآن تعرّضاً وإهانةً ! فانطلقتْ فوراً الهاشتاقات المُهدّدة والمُتوعّدة والمُؤلّبة على “ناصر القصبي” تحديداً والقناة العارضة له .

.

وأخرجنا مُؤرّخَ الأنسابِ النائمَ فينا ؛ متمكّنينَ بكلّ سرعةٍ من الوُصول إلى جُذُورِ نسَبِ فنانِ الكوميديا الأول في السعودية ؛ لنكتشفَ بكلّ فخْرٍ أنّ ناصِرَ القصبي في جذوره ليسَ إلا من عوائلِ الزبيرِ القاطِنةِ في جنوبِ العراقِ ؛ فأعلنّا البراءةَ من إثمهِ وأرحْنا قلوبَنا في انتزاعِ براءَةِ الأصول !

.

كلّ هذا الهُجومِ كانَ مُتوقعاً – من “أبو راكان” نفسه – لكنّ الاختلافَ في كميّةِ التطرُّفِ والعنصريّةِ التي استخرجتْ ما خلفَ النصّ أو أنها لم تكنْ أصلاً موجودةً لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ ونحن مُعتادينَ على كلّ هذا إلا أنّ أهلَنا في الكويتِ الحبيبةِ تمّ الزجُّ بهم في السياق بدونِ أيّ وُجودِ لما يُشيرُ لهم في الحلقة !

.

الانتقادُ في الحلقةِ كانَ على تعليقِ ناصرٍ على الديمقراطيةِ بأنّ البدوَ والمطاوعة هم من يفوزونَ بالانتخاباتِ ! سامَحكَ اللهُ يا ناصر ! كلنا يعلمُ ذلك إلا أنّ إعلانَ الحقيقةِ أمامنا وإقرارَنا بها أمرٌ صعبٌ لا ترتضيهِ نفوسُنا الأبيّة ولا تقرُّ بهِ طبيعتُنا الصلبة !
فمنَ العارِ في عُرْفِ القبيلةِ أن لا يستثيرَنا رمْيُ العِقالِ – وهو المتوارثُ في تاريخنا – بحيث لا نملكُ خياراً في تجاوُزهِ أو إهمالِهِ ! ويزيدُ الحالَ إلزاماً إنْ كانَ في الأمرِ انتصارٌ لأبناءِ القبيلةِ المشاركينَ لكَ في الدمِ ؛ وعندها لا تطلبْ منّا الاعترافَ بالديمقراطيةِ ؛ فلا خيار لنا !

.

وها أنا أقفُ مع بداوَتي وأرفضُ أنْ تعرّي ديمقراطيتنا رغمَ اعترافي بصحّةِ ما قلتَهُ ؛ فقبلَ أنْ أُصوّتَ لمنْ يشاركُ في الانتخاباتِ البلديةِ كنموذجٍ سعوديٍّ – نطمحُ للتوسّعِ فيه – عليّ أنْ أحتمِي لأبناءِ القبيلةِ – وإنْ لم أفعلهُ حقيقةً – إذ إنّ من المَعيبِ أنْ تنتقدَنا بهذهِ القسوةِ وقدْ وجدْنا آباءَنا على هذا وإنّا على آثارِهم سائرون ! أما المطاوعة فأهلُ الدينِ أبخص سامحكَ اللهُ يا ناصر !

.

آخرُ ما يُقالُ : للجميعِ الحقُّ في الاختلافِ ولكنّ الرقيّ يكونُ في طرْحِ هذا الاختلافِ ؛ وكما قال كاتبُنا المُبدعُ تركي الحمد : “الليبرالية هي عِشْ ودَعْ غيرَكَ يعيش .. احترمْ رأيي وأحترمُ رأيكَ .. لكَ حريّتكَ ولي حُريّتي ما لمْ تُؤذِني أو أوذيك” .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *