أشياء صغيرة !


أشياء صغيرة !


من الأسئلة الوجودية المتكررة لدى جميع البشر باختلاف أعراقهم ومذاهبهم ولغاتهم وتواجدهم الزمني ؛ ذلك السؤال الممتد عن ماهية السعادة والأسباب الموصلة إليها ؟!
ومع تشعب الإجابات واختلافها بين من يرى أنها تكون بتغليب الجانب الروحي على المادي أو العكس إلا أن السعادة تبقى حرّةً من غير قيود .

.

للسعادة بريقها الأخّاذ إلا أني لم أكتب هنا من أجل استجلابِ مثاليات السعادة وأمورها المستقبلية التي تستنزفنا من الداخل ! أريد تلك السعادة الساكنة في عيون البسطاء ، الناطقة بتعابير وجوههم مع قلّةِ ما تحمله جيوبُهم من مال ، باختصار تلك السعادة التي تُصنع من أشياء صغيرة !
قد تكون السعادة ابتسامة باختلاف الوجوه الحاملة لها ، أو دعوة صباحية من أحد الوالديْن ، أو كلماتٍ ساحِرة بالحب والتسامح ، أوجُرعات عالية من الإيجابية نسمعها من أصفياء النفوس من حولنا – في واقعنا أو افتراضنا – ملائكةٌ يعالجون الأرواح بكلماتٍ مُنْتقاة راسِمينَ بكلماتِهم طريقاً من البهْجة تجعلُ ليوم الآخرينَ معنىً مُختلِفاً مُفعَماً بطاقةِ الحياةِ ؛ سُعداء جداً مَنْ كانوا بقرْبِ هؤلاء !

.

ومع ما للآخرينَ من دوْرٍ في سعادتِنا إلا أنّها تزدادُ في جمالِها حينما يَصنعُ الإنسانُ سعادتَهُ بنفسِه ، يُحيطُ نفسَهُ بهالةٍ من السعادة لا يسمحُ لأحدٍ أنْ يجعلَ يومَهُ وحياتَهُ كئيبةً ، ينفخُ الروحَ فيما حوْلَه ، يُحيطُ نفسَهُ بأشياء صغيرة تجلبُ له الراحةَ .
على مكتبِ العمل ضعْ أمامكَ ما تحبّ ، وعندما تصلُ لبيتِكَ لا تنسى أنْ تأخذَ معكَ بعضَ البهْجةِ ، وليكن لمكانِكَ الخاصّ نورٌ منك , لك وحدك .

.

الجماليات التي نراها ؛ تحمل كميةً من البهجة لأرواحنا حتى وإن رآها الآخرونَ هامِشيّةً وسخيفةً ! يكفي أن تكونَ قريبةً منك .
ما أجملَ أن نحتفي بأنفُسِنا بعيداً عن بهْرجَةِ الأثرياء ، نستمتع ببَساطتِنا ونعملُ على تحقيق أهدافِنا القادمة ؛ فلا تنافي بين طموحاتِنا ومُبهجاتِنا الصغيرة .
متيقنةٌ أنّ كلاً منّا لهُ اشياء صغيرة تزرعُ السعادةَ مِنْ حولِه ، قد يعتليها غبارُ التجاهل إلا أننا لو بحثنا عنها واستخرجناها ؛ قد تعيدُ ليومنا جمالَهُ .

.

صور بسيطة حولنا علينا أن نصلَ للجماليات التي تجعلنا نبتسم فيها ، ولا أملك تحديدها ؛ فلكلٍّ مِنّا طِبَاعُهُ الخاصة وانتِقاؤهُ المُختلِف .

.

ومع أنّ الكثير لا يحتاجون تلك التوصيات إلا أنّ هذه الكلمات لمَنْ لم يجرِّبْها ويرى فيها أموراً ثانويةً غيرَ مؤثِّرةٍ ! أقولُ لهم : جرّبوا أنْ تُحِيطوا أنْفُسَكم بها ، وتسْترِقوا منها لحَظَاتٍ للتأمّل وتجاوُزِ ضغُوطاتِ الحياة ؛ فالمُبْهِجات لا تختصُّ بجِنْسٍ ولا تخضعُ لسُلطةِ العُمْر ؛ هيَ حياتُنا نعيشُها ونستمتعُ بها وإنْ كان كلُّ ما نملكهُ فيها مجرّد أشياء صغيرة !


1 ping

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *