مظلة العمل الإنساني


مظلة العمل الإنساني


.

تبدوا حياتنا متشابهة في سعينا نحو تأمين احتياجاتنا الفردية والأسرية والانشغال بها وإن بقي شيئٌ من الوقت والجهد اتسعتْ دائرتُنا لتشملَ أشهر القضايا الاجتماعية الساخنة التي نتابعُها بنظراتٍ سريعةٍ ونُدلي بدلونا فيها على استعجال واستشراف ؛ لننكفئ بعدها نحو أمورنا الخاصة ونكمل مسيرةَ الحياة بين التماعِ الأمل ومشقة الكبَد !

.

بينما هناك على الطرف الآخر نجومٌ لا يخبت شعاعُها ولا تنطفي طاقاتُها رغم العَرَاقيل والصعوبات المتجدّدة ؛ يجمعُها لواءُ العمل الإنسانيّ المُجرّد من كل مصالح نفعيّة أو روابط دينية أو انتماءاتٍ عِرْقية ، تعملُ بصمْتٍ لا يثيرُها بريقُ الشُهْرة ولا يستبطئها انتظارُ الثناءِ وإنْ ثمّنَ العالَمُ جهودَها في مجال الخدمات الإنسانيّةِ بتخصيصِ يومِ التاسعَ عشرَ من أغسطس كيومٍ عالميٍّ للعمل الإنساني.

.

ومع كل ما يتعرضون لهُ من تهديد ومَخاطر تحيقُ بسلامتِهم إلا أنه لا يزيدهم ذلك إلا إصراراً على تتبّع المدنيّين ممّنْ عصفتْ بهم صراعاتُ الحُروب أو الكوارثُ البيئية في جميع أنحاءِ العالم ؛ لتقديم كلِّ عوْنٍ لهُم في مَجالِ الإغاثةِ ومساعدتِهم على تجاوُز تلك النكبَات التي حلّتْ بهم .

.

في العمل الإنساني التابع للّجان الدولية والمؤسسات الخيرية مكافأتُهم الحقيقية أن يسهِمُوا في تخفيف العناء عن تلك الوجوه المتعبة ، ويُشعرونَهم بأن في العالمِ من يهتمُّ بهم ويتضامَنُ معَهم ويُمسكُ بأيديهم لتجاوُز أزماتِهم وإعادة بناء حياتهم على نحو أفضل . . كل ذلك التعب تجلوهُ ابتسامةٌ حزينةٌ على وجْهِ طفلٍ لا يُدركُ سبباً لكلّ ما يحدث له !
ومع فخرنا بكل تلك الجهود المعبّرة عن المعنى الحقيقي للإنسانية ، وثقتنا بكل الأهداف النبيلة التي تقوم عليها وتسعى لإنجازها إلا أنّ قناعتي الشخصية أن مظلةَ العمل الإنساني فيها من الشمولية والرحابة بحيث تمكّنُ الجميعَ من الانضمام تحت ألويتِها ، وتقدّمُ المساعدات الفردية والجماعية لكل من يحتاجُها سواءً بتقديم المَعُونات المادية لهم أو تيسير الحصول على الخدمات التي يستحقونها .

.

وما فِرَقُ التطوّع والحملات التي تدعمُها وتساندُها إلا نموذجٌ مصغرٌّ يقوم على تعزيز الانتماءِ للعمل الانساني القائم على مبدأ التكافل الاجتماعي الذي دعت إليه الأخلاق السليمة وناشدتْ به الأديان السماوية .
.

.

ومع كل ما يحدث في هذا العالم إلا أنّ فلسفة العمل الإنساني تحملُ بين طيّاتِها بُعداً ثريًّا لمعنى البذل والعطاء قادراً على انتِشال الإنسان نحو حياةٍ أكثر أمناً واستقراراً ورحمة .


1 ping

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *