أنا خريج عاطل


أنا خريج عاطل


تحت وسْم تصدّر “تويتر” كان للشباب وقفاتٌ مع همومهم ومؤهلاتهم العلمية التي بقيتْ مركونةً يعتليها ترابُ التجاهل من قبل جهاتٍ حكومية يُفترض فيها أن تكون المُعيل لهم بتوفير الوظائف المناسبة لقدراتهم العلمية .

.

ومع إيماني بأهمية السعودة ودورها في تنمية الوطن وتطبيق مقولة “خيرنا لنا” وجلّ تقديري لمَنْ خرج من بوتقةِ انتظارِ الوظيفة وشقّ طريقَهُ في سوق العمل الحرّ إلا أنه من غير المُنصف أن ندفع بالشباب لدراسة تخصّصات يكابدُون من أجلها الجهد المادي والبدني في سبيل الحصول على شهادة يرونَ أنها بوابة الحلم لمستقبلهم الوظيفي ؛ ويُصدمون بعدها بواقعِ أنهم مجرد رقم إضافيّ في طابور العاطلين !

.

ولكُمْ أن تتخيلوا بريقَ الأملِ وهو ينطفئ في عيونهم عند الخيباتِ الأولى ، ولستُ أعلمُ أين تسيرُ بنا الخدمةُ المدنيةُ في تكديسِ مؤهّلاتٍ لا يحتاجُها سوقُ العمل مع استمرارِ الجامعاتِ في ضخّ المزيد من خريجي تلك التخصصات التي تمّ سدّ الاحتياج فيها من سنوات ؟!

.

ولن تجد أشدّ من خيبةِ سؤالٍ يوجههُ لك طالبٌ عن أهمية الشهادة وإخوانُهُ عاطلون !! هنا يكون ابتلاعُ غصّةِ واقعِ سوقِ العمل والتحرّر من وهْمِ انتظار الوظيفة أمراً مؤلماً جداً .. يقول الكاتب الاقتصادي عبد الحميد العمري : “البطالة قنبلة موقوته يندرج تحت طاولتها الإرهاب والجريمة والمخدرات ..” فإن لم تخلُ البلدانُ من شبح البطالة إلا أنّ مكافحتَها بتوفير فرصٍ وظيفيةٍ وفتحِ مجالاتٍ أوسع لاستيعاب الشباب هو الجوهرُ الحقيقيّ الذي ترمي إليه رؤية 2030 التي تهدف إلى تحقيقِ التنمية الاقتصادية وتسخيرِ العقباتِ أمامَ المُستثمرينَ ودعْمِ وتشجيعِ الشبابِ للنهوضِ بتحقيقِ طمُوحاتِهم .

.

وكسراً لتلك الإسطوانة المشروخة – التي يسوّقُها المُقيمُ الأجنبيُّ ويردّدُها للأسف بعضُ هواميرُ السوق – بوصْف الشبابِ السعوديّ بالكسل وعدم الجديّة في العمل ؛ فإنّ الإقبالِ على الاستفادةِ من خدماتِ صندوق الموارد البشرية “هدف” ؛ هو خيرُ ردٍّ على مَنْ يستهينُ بمقدّراتِ الشباب وصلابتِهم في العمل ؛ إلا أنّ جهةً واحدة ترعى مشاريعَ الشباب غيرُ كافٍ في استيعابِ الكمِّ المتزايدِ من مواكب العاطلين من الجنسيْن معَ عدم شموليةِ بعض الشروط لجميع المتقدّمين !

.

في هموم الوظيفة نحتاجُ حقاً للتكاتُفِ لإيجادِ الحُلول القابلةِ للتطبيق على أرضِ الواقعِ بعيداً عن المِثاليّاتِ في “السوشيال ميديا” ؛ فالشباب الذين وجدوا مُتنّفَساً لهم في التعبير عن مَطالِبِهم عبر إنشاءِ وَسْمٍ يُوصلُ صوتَهم بدلَ أنْ يتمّ دعْمُهم وتقديم أفكارٍ لمشاريع تُسهم في علاج مشكلاتهم ؛ نجدُ من يعيبُ عليهم شكواهُم وتذمّرَهم من الوضْع داعياً لهم للعمل وسلوكِ مَسالكِ الرّجال ، إضافةً إلى العنصرية في تخصيص جديّة العمل بجنس دون آخر ! مع أنّ الاستماع للشباب ومناقشتهم وتفهّم حاجاتهم ، وفتْح قنوات تواصلٍ معهم يمكن أن يكونَ مَخرجاً أفضل من أسلوب التعنيف والتوبيخ الغير مجدي !

.

ومع أن المشكلة أعمق من أن تُحلّ بمقالٍ ولا بكلماتٍ يُعادُ رصْفُها وتجميلُها إلا أنّ الهدفَ أنْ نتعاونَ جميعاً للتخفيف من وطأتِها .. ولعلّ من المقترحات التي تمنّيْتُ لو طبّقتْ ؛ أنْ تُلزمَ القطاعاتُ الخاصةُ بتقديمِ دوراتٍ مجانية للشباب في سوق العمل ، واعتماد قبُولها كخبْرة لهم ، كلّ هذا مقابلَ التسهيلاتِ التي تحصلُ عليها – كقطاع خاص – من مؤسسات الدولة .
افتحوا المجالَ للشباب أن يكتسبَ خبرةً في مجال العمل ، وبعدها أعيدوا صياغةَ اتهاماتِكم لهم ! وإنْ كان الحديث عن البطالة بشكل عام وتضييق مجالات العمل على الجميع إلا أنه في حق المرأة أشدُّ وأقسى ؛ فماذا بعد مرحلة البائِعات ؟! وهنا أقفُ احتراماً لكلّ فتاةٍ كسرتْ قيودَ المجتمع ونظرتِهِ الدُّونيّة تجاه كلّ ما يمسُّ العملَ الشريف .
.

.

آخرُ الكلماتِ ..

.

رفقاً بالشباب فهم ثروةُ الوَطن ومستقبله ، كونوا معهم لا عليهم ، ادعمُوهم بتوفير فرصٍ متعددة ، وأشرفوا على توجيه مواهبهم ، وثِقوا تماماً أنكم كلما قدّمتُم لهم مساحاتٍ أوسع ؛ كلما أبهرُوكم بنتائجهم .. رجاءً من القلب نُريدُ عملا لا مجرّد كلمات !!


1 ping

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *