التعايش .. بين ملك وأمير !


التعايش .. بين ملك وأمير !


أن تكون إنسانا متسامحاً متقبلا للآخرين بكل اختلافاتهم العقائدية والثقافية والاجتماعية ، مترفّعاً عن عنصرية الطبقات والألوان – كل تلك الصور الإنسانية البحتة تعلمتُها من المسيح ابن مريم عليهما السلام وجدانياً ، وعايشتُها في سيرة الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وسلم – تطبيقياً .

.

آمنتُ بكل تلك القيم وشاهدتُها تتداعى في واقع الممارسة الحياتية بيننا – إلا ما قلّ – وفي عهد المغفور له ملك الإنسانية عبد الله بن عبد العزيز ( رحمه الله ) عمل على أن ينقلنا لواقع أكثر تسامحاً عبر عقده للمؤتمر الإسلامي العالمي للتعايش الذي قال عنه بأنه : “جاء لمواجهة تحديات الانغلاق والجهل وضيق الأفق” إلا أن تلك النتائج بقيتْ محصورةً في بروج الكلمات ، بعيدةً عن التطبيق على أرض الواقع ؛ وأقصد به واقعنا المجتمعي الذي يحتاج الكثير لتجاوز ما زرعه فينا التطرف والتشدد من إقصاء المخالفين لنا – بحسب ذاك الفكر المغروس – ونبذهم بكل طريقه ! إلا أن الحياة تأبى أن يسقط لِواؤها ؛ فها هو الأمير الشاب محمد بن سلمان يلتقطُ الراية ، ويكمل مسيرة الملك وحلم الشعب في حياة طبيعية ، حياة قادرة على احتواء الجميع ومحاربة كل فكر يعمد إلى إثارة الفرقة بين أبناء البلد بأي صورة كانت وتحت أي ذريعة ؛ مؤكداً على أننا سنعود إلى ما كنا عليه من تسامح لا مكان فيه للتطرف .
كلمة الأمير الشاب أعطتْ أثرها الروحي مباشرة ، وأعادتْ ضخّ دماء الحياة في عروق الجيل الجديد بعد سنواتٍ عِجاف قضاها بين سندان التطرف ومطرقة الإقصاء لكل ما يمت للحياة بصلة ! إلا أن حماس المرحلة القادمة وحده لا يكفي فما تم سكبه في عقولنا وبثه في مناهجنا على ما يقارب 40 عاماً – يحتاج لقوة وثبات وإصرار على التغيير نحو حياة أكثر تسامحاً تعمَدُ لتجفيف الترسّبات الفكرية المغلوطة التي أُلصقتْ عُنوةً بالدّينِ لِمَصالحَ حِزبية أو شخصية عبر بثّ الوَعْي في عقول الشباب ، والوقوف بصفّ القيادة الحَازمة على التغيير ؛ فمهما طال الطريق وتوعّرتْ مسالِكُه فالإرادة الصادِقة قادرة على تجاوز العقبات .

.

أن تنتقل البلدُ مِن التشدّد إلى الحياة الطبيعية حلمٌ عمد أمير الشباب لتعزيزه بأقواله والبدء بتنفيذه أمام الجميع ؛ فتخاطر الشعبُ لمساندتِهِ وتعليق الكثير من الآمال في النهضة بالبلد في عهد ملِكِنا الحازم ووليّ عهدِه الشاب الواثق بمستقبلٍ أفضل لبلدٍ يتطلّعُ في عهْدِهم لمصافِ الدول المتقدمة في كل مجالاتها .
.

.

ختام القول ، لقد أصبح يقيناً أنّ الستار قد أُسدِلَ على مراحل التطرّف وغياهبهِ المُظلِمة ، وأنّ المستقبل لن تتمّ صناعتُه إلا بتقبل المُختلِفينَ معنا من بني جلدتنا وغيرهم والتعايش مع كل ذلك الاختلاف في ظلّ قيادةٍ تعملُ للمُستقبل برؤيةٍ واعية وثقةٍ مُمتدّة تحتَ مظلةِ سماحةِ الدينِ ومنهاجه القويم ؛ كفانا تجزئة للجسد السعودي بتصنيفات : الليبرالية ، والسلفية ، والصوفية ، وغيرها !! فإذا تجاوزنا ذلك وتقبلنا بعضنا ؛ هنا بصِدْق سيكون للسعوديين الحقّ في بداية جديدةٍ حقيقيةٍ ومستقبلٍ مُشرق بالمحبة والتكاتف .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *