مشاريع صغيرة ولكن ..


مشاريع صغيرة ولكن ..


ينتشي قلبي سعادةً ويغمرُني شعورٌ بالفخر والاعتزاز وأنا أرى أبناء وطني يدعمُونَ أحلامَهم على أرض الواقع بوَتدِ العزيمةِ والعملِ الحُر ؛ مُبرهنين عن طموحاتِ جيلٍ جديدٍ مُنعتِقٍ من شبحِ البطالةِ وانتظارِ الوظيفةِ – الممتدّ لسنوات – مُتحرّرينَ من قيودِ الموروثاتِ الاجتماعية – مما خلّفتْهَ سنواتُ الطفْرةِ – المُبَجِّلةِ لأنواعٍ معيّنةٍ من العملِ والمتعاليةِ على غيره ؛ ليدخلَ شبابُنا سوقَ العملِ عبرَ مشاريعهم الصغيرةِ المُرتكزةِ على استثمار هواياتِهم والاستفادة من مواهبهم الخاصة في خلق فرص عمل جديدة .

.
ورغم ابتسامةِ الفخر التي تعتلينا ونحنُ نشاهدُ تلكَ النجاحاتِ ، ورغبتِنا الصادِقة في دعْمِهم من خلال التعامل معهم وتفضيل منتجاتِهم إلا أنّنا أصبَحْنا أمامَ مُواجَهَةٍ مُتباينَةٍ بينَ الأسعار التي يطرحُها شبابُنا – بجنسيْه – وبينَ تلكَ التي يُوجدُها لنا المُقيمُ ببضاعةٍ أقلّ جودةٍ وإتقانٍ وقد تتفوّق في بعض الأحيان بفارق الخبرة في متطلبات السوق !

.
هنا يكون الخيارُ صعباً ؛ خاصةً ونحنُ نتكلمُ عن متغيِّرات اقتصاديةٍ تمرُّ فيها الكثيرُ من الأسرِ السعوديةِ ؛ تجعلُها في مَحكِّ الاختيارِ الصعْبِ ؛ لترجّحَ كفّةُ مَنْ يُقدّمُ جودةً بَسيطةً بسِعْرٍ مَعْقول !

.

ومَنْ يٌناقش الشبابَ في مشكلةِ ارتفاعِ الأسْعارِ ، ويستمعُ لتبريراتِهم ؛ يجدْ أنّهم يَعْزونَ ذلك لتكلفةِ شراءِ المَوادِ الخامِ بسِعرِ السّوقِ في ظلِّ تحكُّمِ الوَافدينَ وكبارِ التجّارِ بسُوقِ الجُمْلةِ , مُضافاً إليهِ ما يُبذلُ من جُهد – بدنيّ ونفسيّ – في سبيل الارتقاء بجوْدةِ البضاعةِ مَضمُوناً وتقْديماً .

.

هنا أتذكّرُ مقولةَ أ.فيصل العبدالكريم وهو يُحفّزُ الشبابَ على الاستثمار في سوقِ العمل واستغلالِ الوَضعِ بذكاءٍ ؛ وهي صفة “ذكاء التاجر الحضرمي” التي تختزل رسالته البسيطة في التجارة بكلماتٍ عميقةٍ فحواها : ( بيع كثير واربح قليل ) ! وهي نظرية اقتصادية – تُكتسب بالخبرة – تضمن الاستمرارية والثبات مع ديمومة الأرباح بعيداً عن الانجراف مع التيار الربْحي السريع في انقطاعه .

.
وإني على يقينٍ من أنّه بمثلِ تلكَ المُوازَنةِ والأفكارِ المُتجدِّدَة الوَاعِيَة ؛ نصلُ إلى حلولٍ تُرْضِي الجميعَ ، ويتمُّ من خلالِها تحقيقُ الرّبحِ للشبابِ والتعزيزِ من وجودِهم في السوق من غير إرهاقٍ لجُيُوبِ المُسْتهلِك البسيط المُفضِّل لمنتجاتِ أبنائه والحريصِ عليها بما يتوافَقُ مع ميزانيتهِ الأسَريّة .
النقطة الأخيرة ؛ رسالةٌ لشبابنا أنْ يجعلوا من مشاريعِهم الصغيرةِ نواةً تُسقى بالحُبّ لتنمو وارِفةً على جُدرانِ الوَطنِ ؛ يستظِلُّ بها كلُّ مَن يشاركُهُم حُبَّ الوَطن ورغبةَ النّماءِ لَه .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *